أدلّة نفي التحريف
إنّ مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعنىٰ النقيصة هي من الأُمور البديهية الثابتة علىٰ صفحات الواقع التاريخي ، والتي لا تحتاج إلىٰ مزيد استدلالٍ وتوضيحٍ وبيان ، حتىٰ إنّ بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرّحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم ؛ فالاستاذ لوبلو يقول : « إنّ القرآن هو اليوم الكتاب الربّاني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر » (١).
ويقول السير وليام موير : « إنّ المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يدٍ ليدٍ حتّىٰ وصل إلينا بدون تحريفٍ ، وقد حُفِظ بعنايةٍ شديدةٍ بحيث لم يطرأ عليه أي تغييرٍ يُذكَر ، بل نستطيع القول أنّه لم يطرأ عليه أيّ تغييرٍ علىٰ الاطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة » (٢). وبمثل ذلك صرّح بلاشير أيضاً (٣).
وقد أستدلّ العُلماء المحقّقون علىٰ عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الأدلّة الحاسمة ، هي من القوّة والمتانة بحيث يسقط معها ما دلّ علىٰ التحريف بظاهره عن الاعتبار ، لو كان معتبراً ، ومهما بلغ في الكثرة ،
______________________
(١) تاريخ القرآن للصغير : ٩٤ عن كتاب : المدخل إلىٰ القرآن لمحمد عبدالله دراز : ٣٩ ـ ٤٠.
(٢) تاريخ القرآن للصغير : ٩٣.
(٣) القرآن نزوله ، تدوينه ، ترجمته وتأثيره لبلاشير : ٣٧.