أنّ زيد بن ثابت قد اعتمد رجلاً واحداً في الشهادة علىٰ الآية ، وهو أمر باطلٌ ، لأنّه مخالف لتواتر القرآن الثابت بالضرورة والاجماع بين المسلمين.
ونحن لا نريد التشكيك في أنّ عثمان قد أرسل عدّة مصاحف إلىٰ الآفاق ، وقد جعل فيها عين القرآن المتواتر بين المسلمين إلىٰ اليوم ، ولكنّنا نخالف كيفية الجمع التي وصفتها الأخبار ونكذبها ، لأنّها تطعن بضرورة التواتر القاطع ، ولا يشكّ أحد أنّ القرآن كان مجموعاً ومكتوباً علىٰ عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومدوناً قبل عهد عثمان بزمنٍ طويل ، غاية ما في الأمر أنّ عثمان قد جمع الناس علىٰ قراءةٍ واحدةٍ ، وهي القراءة المتعارفة بينهم والمتواترة عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنعهم من سائر القراءات الأُخرىٰ التي توافق بعض لغات العرب ، وأحرق سائر المصاحف التي تخالف القراءة المتواترة ، وكتب إلىٰ الامصار أن يحرقوا ما عندهم منها ، ونهىٰ المسلمين عن الاختلاف في القراءة.
قال الحارث المحاسبي : « المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك ، إنّما حمل عثمان الناس علىٰ القراءة بوجهٍ واحدٍ ، علىٰ اختيارٍ وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والانصار ، لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات » (١).
ولم ينتقد أحدٌ من المسلمين عثمان علىٰ جمعه المسلمين علىٰ قراءةٍ واحدةٍ ؛ لأنّ اختلاف القراءة يؤدّي إلىٰ اختلاف بين المسلمين لا تحمد عقباه ، وإلىٰ تمزيق صفوفهم وتفريق وحدتهم وتكفير بعضهم بعضاً ، غاية
______________________
(١) الاتقان ١ : ٢١١.