وفي هذا الصدد قال أبوبكر الزّبيدي : (ولم تزل العرب تنطق على سجيّتها في صدر إسلامها وماضي جاهليّتها ، حتّى أظهر الله الإسلام على سائر الأديان ، فدخل الناس فيه أفواجا ، وأقبلوا إليه أرسالا ، واجتمعت فيه الألسنة المتفرّقة ، واللغات المختلفة ، ففشا الفساد في اللغة العربيّة ، واستبان منه في الإعراب الذي هو حليّها ، والموضح لمعانيها). (١)
ومن هنا تبرز أهمّيّة هذا العلم بالنسبة الى لغة القرآن الكريم.
وقد ظلّت قواعد الصرف ـ عبر العصور ـ المعيار الأهمّ للحكم بتخطئة لفظة أو تركيب ، وتصويبهما.
وتتّضح لنا أهمّيّة علم الصرف من خلال اعتباره من اركان علوم الشّريعة (٢) واسسها.
قال صاحب المعالم : (واحتياج العلم بهما ـ أي : بالكتاب والسنة ـ إلى العلوم الثّلاثة ـ أي : اللّغة والنّحو والصرف ـ ظاهر). (٣)
ولذا اشترط الفقهاء احاطة المجتهد بعلم الصرف ضمن مقدّمات ستّة (٤) نظرا إلى أنّ المجتهد بواسطة هذا العلم يتمكّن من تقويم كتاب الله تعالى ومعرفة اخبار نبيّه صلىاللهعليهوآله واقامة معانيها على الحقيقة كيما يتسنّى له استنباط أحكام الشّريعة.
__________________
(١) الزبيدي : طبقات النحويين واللغويين ، ص ١١.
(٢) انظر : مجمع الصرف ، ص ٩٢.
(٣) معالم الدين وملاذ المجتهدين ، ص ٧٤ ، ط : منشورات مكتبة المرعشي.
(٤) قال الشّهيد الثّاني : (ويتحقّق ـ أي الاجتهاد في الأحكام الشّرعيّة ـ بالمقدمات السّتّ ، وهي : الكلام ، والاصول ، والنّحو ، والتصريف ، ولغة العرب ، وشرائط الأدلّة). انظر : الرّوضة البهية ، ج ٣ ، ص ٦٢.