إنّي قد لخّصت لك في هذا الكتاب لبّ فتاوى الأحكام ، وبيّنت لك فيه قواعد شرائع الإسلام بألفاظ مختصرةٍ وعباراتٍ محرّرة ، وأوضحت لك فيه نهج الرشاد وطريق السداد ، وذلك بعد بعد أن بلغت من العمر الخمسين ودخلت في عشر الستين ، وقد حكم سيّد البرايا صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنَّما مبدأ اعتراك المنايا.
فإن حكم الله تعالى عليَّ فيها بأمره ، وقضى فيها بقدره ، وأنفذ ما حكم به على العباد ، الحاضر منهم والباد.
فإنّي أُوصيك كما افترض الله تعالى عليّ من الوصيّة وأمرني به حين إدراك المنيّة بملامزمة تقوى الله تعالى ، فإنَّها السنّة القائمة ، والفريضة اللازمة ، والجنّة الواقية ، والعدّة الباقية ، وأنفع ما أعدّه الإنسان ليوم ٍتشخيص فيه الأبصار ويعدم عنه الأنصار.
وعليك با تّباع أو امر الله تعالى ، وفعل ما يرضيه ، واجتناب ما يكرهه ، والانزجار عن نواهيه.
وقطّع زمانك في تحصيل الكمالات النفسانيّة ، وصرّف أو قاتك في اقتناء الفضائل العلميّة ، ولارتقاء عن حضيض النقصان إلى ذورة الكمال ، والاتفاع إلى أوج العِرفان عن مهبط الجهّال ، وبذل المعروف ومساعدة الإخوان ، ومقابلة المسيء بالإحسان والمحسن بالامتنان.
وإيّاك ومصاحبة الأرذال ومعاشرة الجهّال ، فإنّها تفيد خلقاً ذميماً ، وملكة رديّة.
بل عليك بملازمة العلماء ومجالسة الفضلاء ، فإنَّها تفيد استعداداً تامّاً اتحصيل الكمالات ، وتثمر الك ملكة راسخة لاستنباط المجهولات ، ولكن يومك خيراً من أمسك.
وعليك بالتوكّل والصبر والرضا ، وحاسب نفسك في كلّ يومٍ وليلةٍ ، وأكثر من الاستغفار الربّك.
واتّق ِدعاء المظلوم ، خصوصاً اليتامى والعجائز ، فإنَّ الله تعالى لا بسامح بكسر كسيرٍ.