بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ) واللمس ليس بدخول فلا يحرم والجواب عنه أنه ليس بممتنع أن يريد الدخول أو ما يقوم مقامه كما قال تعالى (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) فذكر الطلاق ومعناه الطلاق أو ما يقوم مقامه ويكون دلالته ما ذكرنا من قول السلف واتفاقهم من غير مخالف لهم على إيجاب التحريم باللمس* ولا خلاف بين أهل العلم أن عقد النكاح على امرأة يوجب تحريمها على الابن وروى ذلك عن الحسن ومحمد بن سيرين وإبراهيم وعطاء وسعيد بن المسيب* وقوله تعالى (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) فإنه روى عن عطاء* إلا ما كان في الجاهلية* قال أبو بكر يحتمل أن يريد إلا ما كان في الجاهلية فإنكم لا تؤاخذون به ويحتمل إلا ما قد سلف فإنكم مقرون عليه وتأوله بعضهم على ذلك وهذا خطأ لأنه لم يرو أن النبي صلىاللهعليهوسلم أقر أحدا على عقد نكاح امرأة أبيه وإن كان في الجاهلية وقد روى البراء أن النبي صلىاللهعليهوسلم بعث أبا بردة بن نيار إلى رجل عرس بامرأة أبيه وفي بعض الألفاظ نكح امرأة أبيه أن يقتله ويأخذ ماله وقد كان نكاح امرأة الأب مستفيضا شائعا في الجاهلية فلو كان النبي صلىاللهعليهوسلم أقر أحدا منهم على ذلك النكاح لنقل واستفاض فلما لم ينقل ذلك دل على أن المراد بقوله (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) فإنكم غير مؤاخذين به وذلك لأنهم قبل ورود الشرع بخلاف ما هم عليه كانوا مقرين على أحكامهم فأعلمهم الله تعالى أنهم غير مؤاخذين فيما لم تقم عندهم حجة السمع بتركه فلا احتمال في قوله (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) في هذا الموضع إلا ما ذكرنا وقوله تعالى (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) عند ذكر الجمع بين الأختين يحتمل غير ما ذكر هاهنا وسنذكره إذا انتهينا إليه إن شاء الله تعالى ومعنى (إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ) هاهنا استثناء منقطع كقوله لا تلق فلانا إلا ما لقيت يعنى لكن ما لقيت فلا لوم عليك فيه* وقوله (إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) هذه الهاء كناية عن النكاح وقد قيل فيه وجهان أحدهما النكاح بعد النهى فاحشة ومعناه هو فاحشة فكان في هذا الموضع ملغاة وهو موجود في كلامهم قال الشاعر :
فإنك لو رأيت ديار قوم |
|
وجيران لنا كانوا كرام |
فأدخل كان وهي ملغاة غير معتد بها لأن القوافي مجرورة وقال الله تعالى (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً) والله عليم حكيم ويحتمل أن يريد به أن ما كان منه في الجاهلية فهو فاحشة فلا تفعلوا مثله وهذا لا يكون إلا بعد قيام حجة السمع عليهم بتحريمه ومن قال هذا