ابن الوردي وابن الناظم :
قرأ ابن الوردي شرح ابن الناظم لألفية والده قراءة تدقيق وتمحيص ، حتى أدرك ما فيها من قصور عن الوفاء بشرح الألفية ، وما فيها من توسع لا يحتاج إليه طلاب العربية غير المتخصصين في هذا الفن ، وقرأها عليه طلابه وعدد من أترابه من العلماء (١) ، فزادت معرفته بها ، وتعمقه فيها ، وسبر غورها حتى استبان له ظاهرها وباطنها ، فرأى الحاجة ماسة إلى شرح للخلاصة الألفية يستكمل فيه ما أغفله ابن الناظم ، ويختصر ما زاد فيه على مراد الناظم ، وما لا يحتاجه من يريد الاكتفاء بحلّ الألفية ، وما اشتملت عليه من قضايا ومسائل نحوية وصرفية كافية لمن يريد معرفة ما يغني حاجته من أبواب النحو ، ولذا اختصر شرحها بما يقارب ربع شرح ابن الناظم ، كما يقول في المقدمة (٢) ، ولم يتبع طريق ابن الناظم في عرض البيت أو الأبيات ثم تحليل مضمونها ، وإنما كما ذكرنا سابقا ، يشرح مضمون البيت أو الأبيات دون ذكرها.
ومع هذا فابن الوردي استفاد من شرح ابن الناظم ، فاستخدم بعض تعريفاته ، وعباراته ، وأمثلته ، مما سبقت الإشارة إلى شيء منه ، شأنه شأن غيره في استحسان كلام من سبق ، والتقى معه أو أخذ منه أكثر شواهده منها تسعة (٩) شواهد لم يورها أحد ـ فيما اطلعت
__________________
(١) ديوان ابن الوردي ٥٨.
(٢) مقدمة ابن الوردي : ٦٠.