و (الفاء) للترتيب باتصال مثل : (خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ)(١). والأكثر كون المعطوف بها مسبّبا ، واجتمع القسمان في قوله تعالى : (فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ)(٢). وتختصّ الفاء بعطف ما لا يكون صلة على ما هو صلة ، مثل : الذي يطير فيغضب زيد الذباب ؛ إذ الفاء تجعل ما قبلها وما بعدها كجملة واحدة لأجل السببية (٣) ، فكأنك قلت : الذي إن يطر يغضب زيد الذباب.
و (ثمّ) للترتيب في المعنى بتراخ ، مثل : (فَغَوى (١٢١) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ)(٤) وقد تأتي لترتيب ذكر ، مثل : (ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً)(٥) ، وقد تقع موقع الفاء كقوله :
٣٥٨ ـ كهزّ الرّدينيّ تحت العجا |
|
ج جرى في الأنابيب ثمّ اضطرب (٦) |
__________________
(١) سورة الانفطار الآية : ٧.
(٢) سورة المزمل الآية : ١٦. عطف (أخذنا) على (عصى) بالفاء ، وقد أفادت الترتيب والسببية ؛ فالأخذ بعد العصيان ومسبب عنه.
(٣) ولو جعل موضع الفاء واوا أو غيرها ، فقيل : الذي يطير ويغضب زيد الذباب ، لم تصح العبارة ؛ لأن جملة (يغضب زيد) تخلو من العائد على الموصول ، لرفعها الظاهر (زيد) فلا يصح أن تعطف بها على الصلة ؛ لأن شرط ما يعطف على الصلة أن يصلح وقوعه صلة ، وهذه الجملة لا تصلح لعدم الضمير الرابط.
(٤) سورة طه الآيتان : ١٢١ ، ١٢٢. فإن الاجتباء حصل بعد الغواية وليس متصلا.
(٥) سورة الأنعام الآية : ١٥٤ ، ولم ترد (تماما) في ظ. فـ (ثم) في الآية لترتيب ذكر ، ولا تفيد معنى التراخي.
(٦) البيت من المتقارب ، قاله أبو دواد الإيادي ، واسمه جارية بن الحجاج. وقيل : لحميد بن ثور ، ورواية ديوان حميد : (بين الأكف) بدل (تحت العجاج). ـ ـ