دعانا إلى كتابة هذه السطور هو التعريف بكتابه الماثل بين يديك أعني «تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية» الذي يتمتع بميزة خاصة وهي العناية الوافرة بالتفريع والتخريج بنحو قل نظيره ، كلّ هذا في عصر راج فيه التخريج وفق المذاهب الأربعة ، فانّ الاجتهاد وإن أقفل في أواسط القرن السابع (١) إلّا انّ التفريع وفق المذاهب كان شائعا قبل الاقفال وبعده ، وقد ألف غير واحد من علماء الفريقين كتبا في هذا المضمار نذكر منها ما يلي :
١. «المغني» لعبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي (٥٤١ ـ ٦٢٠) وقد أسهب فيه الكلام في الفقه المقارن حسب المذاهب الأربعة ورجح رأي الحنابلة.
٢. «العزيز شرح الوجيز» المعروف بالشرح الكبير تأليف عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الرافعي القزويني الشافعي (المتوفّى سنة ٦٢٣ ه) مع ترجيح رأي إمامه.
٣. «المجموع» لأبي زكريا محيي الدين المعروف بالنووي (٦٣١ ـ ٦٧٦) وهو شرح لكتاب المهذب لأبي إسحاق الشيرازي (٣٩٦ ـ ٤٧٦).
وهذه الكتب مشحونة بالتخريج والتفريع على مذاهب أئمتهم ولذلك أطلق على القرنين : السادس والسابع عصرا التخريج والتفريع.
وقد شاطر علماؤنا الإمامية فقهاء السنة في تأليف كتب تفريعية مع فارق خاص وهو انّ باب الاجتهاد كان مفتوحا عند الإمامية ولم يكن مبنيّا على فقه إمام خاص بخلاف تفريعاتهم فانّها لا تتعدى عن مذهب إمام معين.
__________________
(١) المقريزي : الخطط : ٢ / ٣٤٤.