.................................................................................................
______________________________________________________
لفظ أن يكتب بحروف هجائه ، وأن الثاني منه يجب فيه مطابقة المكتوب للمنطوق به في ذوات الحروف وعددها كما في : زيد ، وضرب ، ومن. فيجب أن تكتب ما تنطقه اسما أو فعلا أو حرفا كما مثلنا. ثم قال مستثنيا مما سبق : ما لم يجب الاقتصار على أول الكلمة ، لكونها اسم حرف ، واردا ورود الأصوات فباء اسم لثاني حروف المعجم ، وألف لأولها ، وكذا الباقي ، فإذا قيل : اكتب باء ، لم تكتبه هكذا باء ، وإنما تكتبه : بـ ؛ لأن الاسم لحرف ، لم يقصد فيه إسناد ولا تقييد ، وإنما أريد به ذلك اللفظ الذي يتركب منه الكلام ، فأشبه باء وجيم ونحوهما ، وغاق ونحوه من أسماء الأصوات ؛ لأن المقصود به صوت فقط ، فلم يكتب بصورة النطق به ، بل كتب الشكل الذي هو مدلوله ، فمفهوم غاق مثلا ، ذلك الصوت الغرابي ، ومفهوم جيم ذلك الصوت الذي يشكل بذلك الشكل الذي رسموه ، فالشكل للحرف خلاف مدلوله ؛ إذ مدلوله اسمه ، وشكله صورته التي نكتبه بها (١).
ثم قال المصنف بعد ذلك : أو يحذف الحرف لإدغامه فيما هو من كلمته نحو :مقرّ ، واقشعرّ وادّارأ ، واطّجع ، فيحذف الحرف شكلا وصورة في الكلمة ؛ لأجل الاختصار لاتحادهما في النطق والكلمة ، فلو كان في غير كلمة لم يحذف ، للانفصال نحو : خذ ذاك ، وسيأتي بيان ذلك.
وقد يكون مدغما في كلمة واحدة ، ومع ذلك يكتب بياءين ، مع أن القاعدة السابقة تنص على كتابته حرفا واحدا ، والثاني المدغم يحذف للاختصار ، ولكن احتراما للمصحف ولرسم السلف الكرام (٢) الذين كتبوه بحرفين ، فيجب أن يكتب بياءين ، ونخالف القياس السابق ، وذلك مثل قوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)(٣) فكتب هنا بياءين اتباعا لرسم السلف ، ولا يخالف ذلك.
ثم أخذ بعد ذلك يشرح المطابقة بالأصل شرحا واسعا ، وأنواع هذه المطابقة لنكتب حرفا واحدا ، ويحذف الثاني منه.
__________________
(١) انظر : المساعد (٤ / ٣٤٣ ، ٣٤٤) ، وشفاء العليل (٣ / ١١٣٩).
(٢) همع الهوامع (٢ / ٢٣٤).
(٣) سورة القلم : ٦.