.................................................................................................
______________________________________________________
الواو عارضة ؛ لأن أصلها الكسر ، فلما مهّد هذا الأصل ذكر ما يفعل إذا اتفق اجتماعها ، فقال : إن الثالثة أو الثانية تقلب ياء ، وقد مثّل لذلك بأن تبني من القول فعلا على وزن : افعوعل ، فتقول : اقووّل ، ثم تقلب الثالثة أو الثانية ياء ، وأيّا ما قلبت منهما لزم من ذلك قلب الأخرى ياء ، وإدغام الياء في الياء ، فتصير :اقويّل ؛ لأن الياء والواو إذا اجتمعا وسبق (إحداها) (١) بالسكون وجب قلب الواو ياء والإدغام على ما عرف في موضعه. واعلم أن ابن عصفور ذكر هذا المثال فقال :وتقول في مثل افعوعل من القول : اقووّل ، هذا مذهب سيبويه (٢) ، وأما أبو الحسن فيقول : اقويّل ؛ لأنه يستثقل اجتماع ثلاث واوات وإلى ذلك ذهب أبو بكر (٣) ، واحتج بأنهم إذا كانوا يستثقلون الواوين والضمة في مثل : مصوغ ، فلا يكملون البناء إلا فيما شذّ ، فالأحرى فيما اجتمع فيه ثلاث واوات ، وهذا الذي احتجّ به لا يلزم ؛ لأن مصوغا وأمثاله إنما استثقل فيه الواوان والضمة لجريانه على الفعل المعتل وإلا فإنهم يتمّون في مثل : قووّل في فصيح الكلام ؛ لأنه غير جار على معتلّ ، فإن قيل : فإنكم تقولون في مثل عرقوة من الغزو : غزوية ، وقد تقدم استثقالا للواوين والضمة مع أنه ليس بجار. فالجواب : أن الطرف يستثقل فيه ما لا يستثقل في الوسط ؛ لأنه محل التغيير ، ألا ترى أنهم يقلبون في مثل : عصيّ ، ولا يلزم ذلك في مثل : صوّم. فإن قيل : فإن وجدتم ثلاث واوات محتملة في كلام العرب.
فالجواب : أنه لا يعلم من كلامهم ما اجتمع فيه ثلاث واوات حشوا البتة [٦ / ١٧٢] لا مصححا ولا معتلّا ، فيحمل هذا عليه ، والتصحيح هو الأصل فالتزم هذا مع أن ما يقرب منه موجود في كلامهم وهو مثل : قوول ، ألا ترى أن فيه واوين وضمة والضمة مثل الواو ولم يغير شيء من ذلك ، وأما ما ذهب إليه ابن جني من أن لقائل أن يفرق بين : غزوية واقووّل ، بأن يقول : قد يستثقل في الاسم ما يصح في الفعل واستدلاله بصحة يغزو (٤) وأمثاله وإعلال أدل وأمثاله ـ ففي نهاية الفساد ؛ لأن ـ
__________________
(١) في النسختين : إحديهما.
(٢) الكتاب (٢ / ٣٧٦) والمنصف (٢ / ٢٤٤) والمقتضب (١ / ٣١٢ ، ٣٢٣).
(٣) ابن السراج واستظهره ابن جني انظر : الممتع (٢ / ٧٤٧) والمنصف (٢ / ٢٤٤) والمقتضب (١ / ٣٢٣).
(٤) المنصف (٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١).