.................................................................................................
______________________________________________________
قال الشيخ (١) : «وهذه المسألة فيها خلاف كما ذكر ، فمذهب سيبويه وأبي عثمان (٢) أنك تعتبر ما يجوز من ذلك وما يمتنع بأن تسقط أما والفاء ، فحيث جاز تقديم المعمول قدمته ، وحيث امتنع ذلك منعته ، وهذه المسألة : لو طرحت أما والفاء ، فقلت : زيدا إني ضارب ، لم يجز ، فكذلك إذا ذكرتهما ، ولو قلت : أما زيدا فضربت ، وطرحت أما والفاء فقلت : زيدا ضربت لجاز ذلك ، فكذلك إذا أدخلتهما. فبهذا يعتبر سيبويه والمازني مسائل أما. ولذلك احتج سيبويه (٣) على تقديم معمول فعّال بقولهم : أما العسل فأنا شرّاب ، ورد على الخليل أن «لن» أصلها : لا أن ، بقولهم : أما زيدا فلن أضرب (٤).
وقال سيبويه (٥) : وسألته عن قولهم : أما حقّا فإنك ذاهب ، فقال : هذا جيد ، وهذا الموضع من مواضع إنّ ، ألا ترى أنك تقول : أما يوم الجمعة فإنك ذاهب ، وأما فيها فإنّك قائم ، ثم قال (٦) : وإنما جاز هذا في أما لأن فيها معنى مهما يكن من شيء يوم الجمعة فإنك ذاهب ، فهذا تفسير أنّ أمّا تعمل لما فيها من معنى الفعل ، ومعاني الأفعال تعمل في الظروف والحال والمفعول له ، كما قدمنا» انتهى.
وليعلم أن «حقّا» منصوب على الظرف (٧) ـ أعني ظرف الزمان ـ والتقدير :أما في حق فإنك ذاهب ، ولهذا قبح أن تعمل فيه «أما» لما فيها من معنى الفعل ، ويدلك على أنه ظرف تسوية الخليل (٨) بينها وبين : أما يوم الجمعة فإنك ذاهب وأما فيها فإنّك قائم.
ثم قال الشيخ (٩) : «وتخصيص المصنف منع : أما زيدا فإني ضارب بالمازني. وقد سبق إلى ذلك سيبويه إما جهل منه أن سيبويه منع ذلك ، وإما استحياء أن يخالف سيبويه ، قال (١٠) : وقد جهل كثيرا من مذاهبه ، ورد عليه مواضع على زعمه ، فهلا استحيا منه!! ـ
__________________
(١) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ١٩٩.
(٢) يعني المازني ، وانظر الهمع (٢ / ٦٨).
(٣) انظر الكتاب (١ / ١١١) (هارون).
(٤) انظر الكتاب (٣ / ٥).
(٥) انظر الكتاب (٣ / ١٣٧).
(٦) أي سيبويه.
(٧) انظر المغني (ص ٥٥).
(٨) انظر الكتاب (٣ / ١٣٧).
(٩) انظر التذييل (خ) ج ٥ ورقة ١٩٩ ، ٢٠٠.
(١٠) أي الشيخ أبو حيان.