.................................................................................................
______________________________________________________
حيث صلاحية التقدير ، لأن «أما» حرف فكيف يكون معناه معنى اسم شرط وفعل شرط؟ ولأن في «يكن» ضميرا يعود على «مهما» لأنها اسم شرط ، ولأن جملة الجواب إذا وقعت جوابا لفعل الشرط الكائن أداته اسما وجب أن يكون في جملة الجواب ضمير يعود على اسم الشرط وذلك منتف كلّه في أما» انتهى.
وأقول : أما قوله : «لا ينبغي أن ينسب إلى التفصيل ، لأنها قد تكون لغير تفصيل» ، فيقال فيه : لا شك أن التفصيل هو الغالب والأكثر في استعمالها ، ولعلها إنما جاءت في الكتاب العزيز للتفصيل ، وكونها في بعض الاستعمالات قد لا تكون للتفصيل لا ينفي عنها ذلك ، على أن لقائل أن يقول : لا يبعد أنها في مثل : أما زيد فمنطلق للتفصيل أيضا ، وذلك كأن قائل هذا الكلام يأتي به ردّا على من يقول : زيد منطلق ، وعمرو منطلق ؛ فإذا قال : أما زيد فمنطلق ، فالتقدير : أما عمرو فغير منطلق ، وهكذا يفهم من قولنا : أما زيد فعالم ، أن هذا القول كأنه ردّ على من ادّعى أن زيدا عالم وأن غيره عالم أيضا فيقول الرادّ : أما زيد فعالم فكأنه قال : وأما غير زيد فليس بعالم ، فلم تستعمل «أما» لغير تفصيل على هذا.
وأما قوله : «إن أما حرف فكيف يكون معناه معنى اسم شرط وفعل شرط؟» فيقال فيه : متى ادّعى المصنف ذلك حتى يناقش فيه؟ وإنما المراد أن الذي يفهم من قولنا : مهما يكن من شيء ، يفهم من «أما». ومن ثمّ قالوا : إنها قائمة مقام حرف شرط وفعل شرط ، واعلم أن بعض المغاربة يقول : لو كانت «أما» شرطا لكان ما بعدها متوقفا عليها ، وأنت تقول : أما عالما فعالم ، فهو عالم ذكرته أنت أو لم تذكره ؛ بخلاف إن قام زيد قام عمرو ، فقيام «عمرو» متوقف على قيام «زيد».
وأجيب عن ذلك بأنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف عليه ، كما قال :
٤١٥٦ ـ من يك ذا بتّ فهذا بتّي (١)
ـ
__________________
(١) هذا بيت من الرجز المشطور بعده :
مصيّف مقيّظ مشتي
وهو لرؤية في ملحقات ديوانه (ص ١٨٩). والبت هو الكساء الغليظ المربع ، وقيل : الطيلسان. وقال ابن السيرافي : «البت كساء يعمل من صوف وجمعه بتوت ، ويقال لبائع البتوت : بتّات».
واستشهد به على أنه قد يجيء الشرط على ما ظاهره عدم التوقف عليه ، لأن بته موجود كان لغيره بت أم لم يكن. وانظر الرجز في الكتاب (٢ / ٨٤) (هارون) وأمالي الشجري (٢ / ٢٥٥) والإنصاف