.................................................................................................
______________________________________________________
شئت أظهرت «أن» نحو : جئت لئلّا يجيء ، ولا يجوز إضمار «أن» بعد غير اللام من حروف الجر ، خصوها بذلك لكثرة دور معناها في الكلام.
وقد تحذف «أن» قبل المضارع في غير المواضع فتلغى غالبا كقولهم : «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه» (١) ، وقول الشاعر :
٣٩١٢ ـ ألا أيّهذا الزّاجري أحضر الوغى |
وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (٢) |
وقول الآخر :
٣٩١٣ ـ وما راعني إلّا يسير بشرطة |
وعهدي به قينا يفشّ بكير (٣) |
تقديره : أن تسمع ، وعن أن أحضر ، وإلّا أن يسير ، ولكنهم رفعوا ؛ لأنهم ألغوا «أن» لما ضعفت بالحذف على غير القياس ، وقد لا يلغونها فينصبون بها المضارع كقوله :
٣٩١٤ ـ فلم أر مثلها خباسة واحد |
ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله (٤) |
قال سيبويه (٥) : أراد بعد ما كدت أن أفعله ، وهو قليل لا يقاس عليه ، ورآه ـ
__________________
(١) هذا مثل يضرب لمن خبره خير من مرآه ، و «المعيديّ» : تصغير معدي بتخفيف الدال ، وقال ابن السكيت : هو تصغير معدّي إلّا أنه إذا اجتمعت تشديدة الحرف وتشديدة ياء النسبة خففت ياء النسبة».
(٢) تقدم.
(٣) هذا البيت من الطويل لقائل مجهول.
الشرح : قوله : إلا يسير : يسير : فعل مضارع من السير ، ووقع فاعلا لـ «راعني» بتقدير «أن» المصدرية أي : وما راعني إلّا أن يسير ، أي سيره ، وقوله : بشرطة متعلق بـ «يسير» وهو بضم الشين ، وفتح الطاء ، بمعنى : الشرطي ، والعين : الحداد ، ويفش : من فش الكير نفسه : إذا أخرج ما فيه من الريح ، و «الكير» بكسر الكاف : كير الحداد وهو زق أو جلد غليظ ، والمعنى : أتعجب منه.
وقد كان أمس حدادا ينفخ بالكير واليوم رأيته صار والي الشرط.
والشاهد في قوله : «إلا يسير» حيث رفع حين حذفت «أن» المصدرية قبله ، والبيت في الخصائص (٢ / ٤٣٤) ، وابن يعيش (٤ / ٢٧).
(٤) هذا البيت من الطويل نسب لعامر بن جوين الطائي أو لعامر بن الطفيل.
الشرح قوله : فلم أر : الفاء للعطف. وخباسة : بضم الخاء : المغنم. ونهنهت : زجرت ، وما في «ما كدت» مصدرية والتقدير : بعد قربي من الفعل.
والشاهد فيه : «أفعله» ؛ حيث نصب لأن أصله : أن أفعله فحذفت «أن» وبقي عملها وهو النصب ، قاله سيبويه والبيت في الكتاب (١ / ٣٠٧) (هارون) والإنصاف (٥٦١) ، والمقرب (١ / ٢٧٠) ، والهمع (١ / ٥٨) ، (٢ / ١٨) والدرر (١ / ٣٣) ، (٢ / ١٣).
(٥) قال في الكتاب (١ / ٣٠٧) (هارون): (فحملوه على «أن» ؛ لأن الشعراء قد يستعملون «أن» ها هنا مضطرين كثيرا).