.................................................................................................
______________________________________________________
ومثال الثالث : قراءة عبد الله بن عامر رضي الله تعالى عنه : وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون (١) بالنصب (٢) على تقدير : فإنما يكون منه كن فيكون من ذلك الأمر وهو نادر لا يكاد يعثر على مثله إلا في ضرورة من الشعر.
فأما قولهم : فإنما هي ضربة من الأسد فيحطم ظهره (٣) ، فمن النصب بإضمار «أن» جوازا لعطف مصدر مؤول على مصدر صريح ، والمعنى : هي ضربة فحطمة ، لا من باب قراءة ابن عامر.
ويختص بالضرورة إضمار «أن» الناصبة بعد الحصر بـ «إلا» كما في قولك : ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا ، وبعد الخبر المثبت الخالي من الشرط كقول الشاعر :
٣٨٨٩ ـ سأترك منزلي لبني تميم |
وألحق بالحجاز فأستريحا (٤) |
أصل الكلام : وألحق بالحجاز فأستريح ، ولكن لما كان الروي مفتوحا اضطر فنصب على تقدير : يكون لحاق فاستراحة ، ومثله قول طرفة :
٣٨٩٠ ـ لنا هضبة لا ينزل الذّلّ وسطها |
ويأوي إليها المستجير فيعصما (٥) |
وقول الأعشى :
٣٨٩١ ـ ثمّت لا تجزونني عند ذاكم |
ولكن سيجزيني الإله فيعقبا (٦) |
__________________
فتكون مشهورة كنار في رأس جبل ، والبيتان من قصيدة طويلة للأعشى هجا فيها عمرو بن المنذر.
والشاهد : في «وتدفن» حيث نصب بإضمار «أن» وعلل ذلك الأعلم بقوله : لأن جواب الشرط قبله وإن كان خبرا فإنه لا يقع إلا بوقوع الفعل الأول فضارع غير الواجب. وانظر البيتين في المقتضب (٢ / ٢١) ، والأعلم بهامش الكتاب (١ / ٤٤٩) (بولاق) والتذييل (٦ / ٦٦٦) ، اللسان «كبب».
(١) سورة البقرة : ١١٧.
(٢) انظر : الحجة لابن خالويه (ص ٨٨ ، ٣٠٠) ، والكشف (١ / ٢٦٠).
(٣) حكاه الكسائي عن العرب برفع «يحطم» ونصبه. انظر : معاني الفراء (٢ / ٤٢٣).
(٤) تقدم.
(٥) هذا البيت من الطويل وهو لطرفة بن العبد ، ديوانه (ص ٤).
الشرح : قوله : هضبة : كناية عن عزة قومه ومنعتهم ، ويأوي : يلجأ ، ويعصم : يمنع.
والشاهد فيه : نصب «يعصم» بـ «أن» مضمرة بعد الفاء بعد الخبر المثبت وهو ضرورة. والبيت في الكتاب (٣ / ٤٠) والمقتضب (٢ / ٢٣) ، والمحتسب (١ / ١٩٧) ، والتذييل (٦ / ٦٧١).
(٦) هذا البيت من الطويل وهو للأعشى في ديوانه (ص ٩٠) ورواية الديوان : هنالك لا تجزونني.
والمعنى : يقول : لا أبتغي بما أصنع منكم جزاء ولكنما أجري على الله ، ويقال : أعقبه الله بطاعته : أي جازاه.