[حكم الجواب المدلول عليه باسم الفعل جزما ونصبا]
قال ابن مالك : (والأمر المدلول عليه بخبر أو اسم فعل كالمدلول عليه بفعله في جزم الجواب ، لا في نصبه خلافا للكسائيّ فيه وفي نصب جواب الدّعاء المدلول [عليه] بالخبر ، ولبعض أصحابنا في نصب جواب «نزال» وشبهه ، فإن لم يحسن إقامة «إن تفعل» و «إن لا تفعل» مقام الأمر والنّهي لم يجزم جوابهما خلافا للكسائيّ).
______________________________________________________
فعدل هذا القائل عن قول من يقول : إن ما قبل حرف العطف الساقط هو الجازم لتضمنه معنى الشرط إلى قوله : إنه أنيب مناب الشرط ، فهذا القول هو ذلك القول في المعنى ، ويدل على صحة ما قدمت تقريره.
ثم قال الشيخ (١) : والذي نختاره هو إضمار الشرط بعد هذه الأشياء لدلالة معنى الكلام عليه. وكما أنه يجوز حذف الجواب لدلالة الكلام عليه في نحو : أنت ظالم إن فعلت ، كذلك يجوز حذف الشرط لدلالة الكلام عليه ، بل هذا أولى ؛ لأنه بقي له ما يدل عليه وهو الجزاء المجزوم به فقويت الدلالة عليه من جهة ما قبله ومن جهة ما بعده.
قال ناظر الجيش : قال الإمام بدر الدين (٢) رحمهالله تعالى : قد يلحق الأمر [الذي] بلفظ الخبر واسم الفعل بفعل الأمر فيكون لهما جواب مجزوم كقولهم : حسبك ينم الناس ، واتقى الله امرؤ ، وفعل خيرا يثب عليه ، لأنه بمعنى : اكتف ، وليتق ، وليفعل ، ومنه قوله تعالى : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)(٣) فـ «يغفر» جزم بأنه جواب (تُؤْمِنُونَ) لكونه في معنى : «آمنوا» ، وأجاز الكسائي (٤) أن يكون للأمر بلفظ الخبر ولاسم الفعل جواب منصوب بعد «الفاء» نحو : صه فأحدّثك ، ونزال فأنزل ، وحسبك الحديث فينام الناس ، والقياس يأبى ذلك لأن المصحح للنصب بعد «الفاء» بإضمار «أن» إنما هو تأول ما قبلها بمصدر ليصح العطف عليه ، فإذا كان قبل «الفاء» أمر بلفظ المبتدأ والخبر أو اسم فعل تعذر تأويله بالمصدر لتعذر تقديره صلة لـ «أن» ـ
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٦٥١) وقد نقله المؤلف بتصرف يسير.
(٢) انظر : شرح التسهيل لبدر الدين (٤ / ٤١).
(٣) سورة الصف : ١١ ، ١٢.
(٤) انظر : التذييل (٦ / ٦٥٣).