.................................................................................................
______________________________________________________
مبتدأ محذوف ، وإما مرتب عليه لإفادة نفي الجمع ، وإما مرتب عليه لإفادة استئناف الإثبات ، فإذا قصد بالمضارع بعد الفاء إشراكه بما قبلها في حكمه تبعه في الإعراب كقولك : زيد يأتيني فيحدثني ، وأريد أن تأتيني فتحدثني ، وإن تأتني فتحدثني أكرمك ، وإن قصدت أنه مسبب مبني على مبتدأ محذوف أو مرتب للاستئناف رفع كقولك : ما تأتيني فتحدثني ، فترفع على جعل الإتيان سببا للحديث وتقديره : فأنت تحدثني ، وعلى استئناف إثبات الحديث بعد نفي الإتيان على معنى : وتحدثني الساعة ، وإن قصدت به أنه مسبب غير مبني على مبتدأ محذوف ، أو مرتب لإفادة نفي الجمع نصب كقولك : ما تأتيني فتحدثني فتنصب على جعل الإتيان سببا للحديث وتقديره : إن تأتني تحدثني ، أو على الترتيب لنفي الجمع بين الفعلين وإرادة معنى : ما تأتيني محدثا أي : قد تأتيني وما تحدث.
ونصبه عند سيبويه (١) بـ «أن» مضمرة وما قبل الفاء في تأويل اسم معمول لفعل محذوف ليصح العطف عليه ، والتقدير : ما كان منك إتيان فحديث ، فصيروا الفعل على هذا التأويل ليدلوا على أحد المعنيين المذكورين ولم يظهروا «أن» بعد الفاء كما لم يظهروها بعد «أو».
وقال الكوفيون (٢) : النصب بالفاء والحجة عليهم أن الفاء لو كانت هي الناصبة لدخل عليها «واو» العطف أو «فاؤه» كما يدخل على «واو» القسم ولجاز : ما أنت بصاحبي فأكرمك وفأحدثك ، كما يجوز : والله وتالرحمن لأفعلنّ ، فلما لم يجز ذلك دلّ على أنها حرف مضمر بعدها العامل كـ «واو ربّ».
ولا يطرد نصب المضارع بـ «أن» مضمرة بعد «الفاء» إلا في جواب نفي أو طلب وهو : الأمر والنهي والدعاء والاستفهام والعرض والتحضيض والتمني ، ونورده على ترتيب الكتاب :
فأما الأمر : فكقولك : ائتني فأحدثك ، وتريد أن الإتيان سبب للحديث على تقدير : ليكن منك إتيان فحديث مني ، قال أبو النجم (٣) : ـ
__________________
(١) انظر : الكتاب (٣ / ٢٨).
(٢) انظر : الأشموني (٣ / ٣٠٥).
(٣) أبو النجم : هو الفضل بن قدامة ، من أكابر الرجاز ، نبغ في العصر الأموي وكان يحاضر مجالس عبد الملك بن مروان توفي سنة (١٣٠ ه) انظر ترجمته في الشعر والشعراء (ص ٦٠٧ ـ ٦١٣).