.................................................................................................
______________________________________________________
من ذلك الفعل الذي قبل «أو» معمول لكون مقدر ليصح عطف ما بعدها عليه ، هذا الذي ظهر لي وعلى الناظر أن يتأمل ويحكم بما يؤدى إليه اجتهاده ونظره.
ثم الذي يظهر أن الاستثناء المستفاد بـ «أو» هو استثناء مفرغ ، إما من الأحوال أو من الأزمان ، فإذا قال القائل : لألزمنّك أو تقضيني ديني فالتقدير : لألزمنّك في جميع الأحوال أو في جميع الأزمان إلا في حال أو في زمان قضاء ديني ، وكذا التقدير في : لأقتلنّ الكافر أو يسلم.
وفي شرح الشيخ (١) : قد نقض قولهم : إن «أو» تقدر بـ «إلى» أو بـ «إلّا» بقولك : لأطيعنّ الله أو يغفر لي ، قال : فلا يصح تقدير هذا بـ «إلى» ولا بـ «إلا» بل يتعين أن يكون المعنى على «كي» أي : لأطيعن الله كي يغفر لي.
ولم يظهر لي : هل هذا النقض للشيخ نفسه أو لغيره؟ لأن كلامه غير مفصح ، ثم إن التقدير هنا بـ «إلى» لا يظهر امتناعه ؛ لأن الغفران مطلوب للعبد دائما فهو يطيع الله إلى أن يغفر له ، ولا يتوهم من هذا أنه إذا غفر له انقطعت طاعته ؛ لأنه إذا انقطعت طاعته لا يغفر له ، فالطاعة تستمر دائما ؛ لأن الغفران مطلوب دائما.
ثم قال الشيخ (٢) : وهذه التقادير التي قدروها لا حاجة إليها وهى تفسير معنى لا تفسير إعراب ، قال : وتفسير الإعراب ينجر معه تفسير معنى «أو» فلا حاجة إلى تلك التقديرات ، ومعنى «أو» في هذه المسائل هو معناها المستقر لها في العطف من كونها لأحد الشيئين و «أن» مضمرة بعدها فهي عاطفة مصدرا مقدرا على مصدر متوهم فهذا من العطف على التوهم ولذلك اشترط أن يكون قبلها فعل أو اسم في معنى الفعل ، أو ظرف أو مجرور حتى يدل على المصدر المتوهم ، فإذا قلت :
لألزمنّك أو تقضيني حقّي (٣) فالتقدير : ليكونن مني لزوم لك أو قضاء لحقي ؛ فقد جاء «أو» لأحد الشيئين وهو المعنى الذي استقر لها في العطف.
ومما يدل على صحة قولنا : إنه لا يحتاج إلى تلك التقديرات قول الشاعر :
٣٨٣٧ ـ فسر في بلاد الله والتمس الغنى |
تعش ذا يسار أو تموت فتعذرا (٤) |
__________________
(١) انظر : التذييل (٦ / ٥٩١).
(٢) انظر : التذييل (٦ / ٥٩١ ـ ٥٩٣).
(٣) في النسختين : ديني ، والتقدير بعده يدل على أنه «حقي» كما في التذييل.
(٤) هذا البيت من الطويل وهو للمغيرة بن حبناء ، واستشهد به : على أن «أو» في قوله : «أو تموت»