.................................................................................................
______________________________________________________
«أن» فهي إذن حرف جر والفعل بعدها نصب بـ «أن» لازمة الإضمار ، وقد تظهر «أن» في المعطوف على منصوبها كما قد ذكر ؛ لأنه يجوز في الثواني ما لا يجوز في الأوائل كقول الشاعر :
٣٨٢٥ ـ ومن تكرّمهم في المحل أنّهم |
لا يعرف الجار فيهم أنّه الجار |
|
حتّى يكون عزيزا من نفوسهم |
أو أن يبين جميعا وهو مختار (١) |
انتهى.
وقوله : وإما لأن ما بعد اللام جواب ونقض لفعل ليس في تقدير اسم كأنه قيل : زيد سيفعل فقلت : ما كان زيد ليفعل ، فلو أظهرت «أن» لجعلت مقابل الفعل لفظ الاسم وهو قبيح ـ قد يقال فيه : إن تقدير «أن» يصير الفعل في تقدير الاسم وحينئذ تكون مقابلة الاسم للفعل حاصلة أيضا ، إلا أن يقال : المراد القبح اللفظي وذلك إنما يتم إذا قوبل الفعل بلفظ الاسم ، وأما مقابلته باسم مقدر فليس كذلك ، ولكن قد يقال : الاسم مع ظهور «أن» مقدر أيضا كما هو مع إضمارها ، وإذا كان كذلك فلم يقابل الفعل بلفظ الاسم.
وفي شرح الشيخ (٢) : ولم يجز إظهار «أن» ـ يعني في نحو : ما كان زيد ليفعل ـ ؛ لأن إيجابه كان زيد سيقوم ، فجعلت اللام في مقابلة السين ، فكما لا يجوز أن يجمع بين «أن» الناصبة وبين «السين» أو «سوف» فكذلك كرهوا أن ـ
__________________
(١) هذان البيتان من البسيط وهما ليزيد بن حمار السكوني كما نسبا لعدي بن زيد والمحل : الشدة ، والجوع الشديد وإن لم يكن جدب ، واستشهد بهما على أنه قد تظهر «أن» في المعطوف على منصوب «حتى» فظهرت في قوله : «أو أن يبين» المعطوف على «يكون عزيزا».
والبيت الثاني في المغني (٦٩٢) والرواية فيه «في نفوسهم» وشرح شواهده (ص ٩٦٥) ، والهمع (٢ / ٩) والأشباه والنظائر (١ / ٣١٨) والبيتان في الدرر اللوامع (٢ / ٦) ، وحاشية الأمير على المغني (٢ / ١٩٧) والرواية فيه :
لا يعلم الجار فيهم أنه جار
وانظر : حاشية الدسوقي على المغني (٢ / ٣١٢) وقال : والمعنى : أنهم لا يرضون في وقت المجاعة والقحط بما طبعوا عليه من الكرم ، بل يتكلفون أكثر منه ، ومن تكلفهم أنهم يحلون جارهم من العناية به والإحسان إليه محلّا يتشكك به في نفسه هل هو جارهم أو من أنفسهم وضميمتهم.
(٢) انظر : التذييل (٦ / ٥٧٦).