.................................................................................................
______________________________________________________
مخوف ، و «الأسد» مخوف منه ، فنصبهما الفعل لما تناولهما ، وإن اختلفت جهتا التخويف ، فكذا في العطف ، قال سيبويه (١) : فإيّاك متّقى والأسد متّقي منه ، فكلاهما مفعول به ومفعول منه ، وقد علمت أن المفعول منه وبه ينتصبان إذا أضمرت أفعالهما ، واعلم أن الواو ربما جاءت في معنى من والياء ومع انتهى.
وفي كلامه أمران :
قوله : «وقد علمت أن المفعول منه وبه ينتصبان إذا أضمرت أفعالهما» فإن الظاهر أن المراد بـ «المفعول منه» : المفعول من أجله ، ولا شك في جواز إضمار الناصب لهما كما قال ، لكن [كيف] يعطف المفعول منه على المفعول به والعطف يقتضي المشاركة؟
والحق أن المراد بكونه «مفعولا منه» أنه مفعول منه في المعنى ، أما في اللفظ فلا ؛ لأنه معطوف على مفعول به فوجب أن يكون شريكا له في ذلك (٢).
الأمر الثاني : قوله : إنّ الواو ربما جاءت في معنى من والياء ومع. فإن هذا الكلام يوهم أن واو العطف ترد بالمعاني الثلاثة ، وفي ذلك نظر ، فإن الواو التي بمعنى «مع» هي واو «مع» وليست من العطف في شيء ، وإن كان أصلهما العطف عند من يرى ذلك (٣) ، وأما التي بمعنى «الباء» فقد قالوا ذلك في قولهم :
«أنت أعلم و [ما] لك (٤). لما تعذّر جعلها عاطفة في هذا التركيب وذلك على أحد الأقوال (٥) في المثال المذكور.
__________________
(١) قال في الكتاب (١ / ٢٧٣ : ٢٧٤) ومن ذلك أيضا قولك : إيّاك والأسد ، وإيّاي والشّرّ ، كأنه قال : إيّاك فاتّقينّ والأسد ، وكأنه قال : إيّاي لأتّقينّ والشّرّ ، فإيّاك متّقي والأسد والشّرّ متّقيان ، فكلاهما مفعول ومفعول منه».
(٢) انظر ابن يعيش (٢ / ٢٥) وشرح الكافية للرضى (١ / ١٨٢) وشرح التصريح (٢ / ١٩٣).
(٣) انظر الإنصاف (٥٥٦) مسألة «٥٧» وابن يعيش (٢ / ٤٨ ، ٤٩) ، وشرح الرضى (١ / ١٩٤ ، ١٩٥).
(٤) انظر المغنى (٣٥٨).
(٥) وقيل إن الأصل : أنت أعلم بمالك فأنت ومالك بمنزلة : كلّ رجل وصيعته. انظر حاشية الأمير علي المغني (٢ / ٣٣) وحاشية الدسوقي علي المغني (٢ / ٢١) وانظر شرح الرضي (١ / ١٩٦) والكتاب (١ / ٣٠٠) وفيه : «ولو قلت : أنت وشأنك كأنك قلت : أنت وشأنك مقرونان ، وكلّ امرئ وضيعته مقرونان لأن الواو في معنى مع هنا يعمل فيما بعدها ما عمل فيما قبلها من الابتداء والمبتدأ ومثله : أنت أعلم ومالك فإنما أردت أنت أعلم مع مالك».