.................................................................................................
______________________________________________________
٣٣٩١ ـ ألا يا فابك شوالا لطيفا |
وأجري الدّمع تسكابا وكيفا (١) |
أرادت يا لطيفة فرخمت وفصلت بفعل الأمر (٢).
انتهى كلام المصنف رحمهالله تعالى.
وليعلم أن النداء مصدر نادى والكثير كسر نونه قالوا : ويجوز ضمها لأنه صوت وهمزته منقلبة من حرف العلة ، كهمزة رداء وأصلها الواو. ومن ندوت القوم ندوا : دعوتهم. والنداء رفع الصوت للمنادى ليقبل عليك ، وأورد على ذلك أنهم قد نادوا الديار. وأجيب بأنهم أرادوا بذلك تنبيه أنفسهم على تذكّر أحوالهم في تلك الديار وجعلوها من الأشياء التي تخاطب فأجروا عليها حكم المخاطبين وعليه جاء :
٣٣٩٢ ـ [شربت بها والدّيك يدعو صباحه] |
إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا (٣) |
لما وصفهم بالدنو والتصوب جمعهم جمع من يعقل ، فكذا لمّا خاطبوا الديار أجروا عليها حكم من يعقل فنادوها.
وبعد هذا : فأنا أشير إلى أمور :
منها : أن المنادى هو المطلوب إقباله بـ «يا» أو ما قام مقامها لفظا أو تقديرا.
واختلف فيه ، والذي عليه الجمهور أنه مفعول. وقال السيرافي : إنه لشبه بالمفعول به ، وقرر ذلك بما لا طائل تحته مع اعترافه أن «يا» حرف (٤) ، وردّ قوله بأنه مؤدّ إلى أن يستقل الحرف والاسم كلاما.
ومنها : أنهم اختلفوا في النداء هل خبر أو إنشاء. والحق أنه ليس بخبر لأنه يحتمل الصدق والكذب. وقد قيل إنه خبر ؛ لأنه يحتمل الصدق والكذب بدليل أنه لو قال رجل لآخر : يا زاني عدّ قاذفا ، ولو لم يحتمل الصدق والكذب لما كان خبرا ، ولو لم يكن خبرا لما عدّ قاذفا. وأجيب بأنه إنما عدّ قاذفا لأجل أن النداء بالمشتق وفيه معنى ـ
__________________
(١) من الوافر ـ الدرر (١ / ١٥٠) ، والهمع (١ / ١٧٤).
(٢) شرح التسهيل (٣ / ٣٩٠).
(٣) عجز بيت من الطويل ذكرنا صدره ـ للجعدي ـ ديوانه (ص ٤) ، وشرح المفصل (٥ / ١٠٥) ، والكتاب (١ / ٢٤٠) ، والمغني (ص ٣٦٥) ، والمقتضب (٢ / ٢٢٦). وهذا ويروى صدره ـ كذلك ـ تمزرتها.
(٤) شرحه على الكتاب (٣٤ / أ).