لكنّا اتبعناه على كلّ حالة |
|
من الدّهر جدّا غير قول التهازل |
هذان البيتان من القصيدة المنسوبة لأبي طالب عم النبي صلىاللهعليهوسلم ، قالها في الشّعب لما اعتزل مع بني هاشم وبني المطلب ، ومنها أبيات في مدح النبي صلىاللهعليهوسلم. وقلت : منسوبة ؛ لأن المروي في كتب السيرة والتاريخ يزيد على مائة بيت ، ويظهر أن أصلها أقلّ من هذا العدد. قال ابن سلام في «الطبقات» : «وكان أبو طالب شاعرا جيد الكلام ، وأبرع ما قال ، قصيدته التي مدح فيها النبيّ صلىاللهعليهوسلم وهي :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ربيع اليتامى عصمة للأرامل |
وقد زيد فيها وطولت. وقد علمت أن قد زاد الناس فيها ، فلا أدري أين منتهاها ، وسألني الأصمعي عنها ، فقلت : صحيحة جيدة. قال : أتدري أين منتهاها ، قلت : لا أدري.
والشاهد في البيت الثاني أن المصدر المؤكد لغيره يكون في الحقيقة مؤكدا لنفسه ؛ لأنه إما مع صريح القول ، كقوله تعالى : (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ.). [مريم : ٣٤] ، أو ما هو في معنى القول ، كما في هذا البيت.
فإن قوله : «جدّا». مصدر مؤكد لما يحتمل غيره ، فإن قوله : «اتبعناه» ، يحتمل أن يكون قاله على سبيل الجدّ ، وهو المفهوم من اللفظ ، وأن يكون قاله على طريق الهزل ، وهو احتمال عقلي. فأكد المعنى الأول ، بما هو في معنى القول ؛ لأنه أراد به «قولا جدا» ، والقرينة عليه ما بعده ، فإن قول التهازل ، يقابل قول الجد ، فكان الأولى أن يقول : قول جدّ ، بالإضافة ؛ ليناسب ما بعده ، فيكون لما حذف المضاف أعرب المضاف إليه بإعرابه. وغير : بالنصب ، صفة لقوله : «جدا».
وقوله : «لكنا اتبعناه» ، جواب القسم ، ويروى : «إذن لاتبعناه» ، والضمير في «اتبعناه» راجع للنبي صلىاللهعليهوسلم. [الخزانة / ٢ / ٥٦].
(١٧٠) وأهلة ودّ قد تبرّيت ودّهم |
|
وأبليتهم في الحمد جهدي ونائلي |
البيت للشاعر أبي الطمحان القيني ، واسمه حنظلة بن الشّرقيّ ، أدرك النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأسلم ولم يره ، وهو صاحب أمدح بيت قيل في الجاهلية ، وهو :