.................................................................................................
______________________________________________________
فيقال في بنائه من كتب ، وعلم ، وظرف : هو أكتب منه ، وأعلم ، وأظرف ، كما قيل في التعجّب : ما أكتبه ، وأعلمه ، وأظرفه ، ويحكم في هذا ونحوه بالاطراد ؛ لأنّه من فعل مستوف للقيود ، ويحكم بالشذوذ فيما لا فعل له ، وفيما له فعل لم يستوف القيود ، كما فعل في التعجّب (١).
فمن أمثلة «أفعل» التفضيل الذي لا فعل له قولهم : هذا أمقر (٢) من هذا ، أي : أمرّ ، وهو ألصّ من شظاظ (٣) أي : أعظم لصوصيّة.
وشظاظ اسم رجل من ضبة ، ومن هذا النّوع (٤) : أول وآخر.
ومن أمثلة سيبويه فيما لا فعل له : أحنك الشّاتين والبعيرين (٥) ، أي : آكلهما ، وآبل النّاس ، أي : أرعاهم للإبل ، ومن أمثلة غيره : هذا التمر أصفر من غيره ، أي : أكثر صفرا ، وهذا المكان أشجر من هذا المكان ، أي : أكثر شجرا ، وفلان أضيع من غيره ، أي : أكثر ضياعا (٦) ، والصحيح أنّ «أحنك» من قولهم : احتنك الجراد ما على الأرض أي : أكله ، ولكنّه شاذّ لكونه من «افتعل» فهو نظير «أشدّ» من : ـ
__________________
(١) في شرح الألفية للشاطبي (٤ / ٧٤): (فإذا تخلف شرط من هذه الشروط لم يبن منه قياسا ، وما سمع منه وقف على محله ، فلا يبنى من غير فعل فلا يقال : هو أثوب من زيد ، تريد : أكثر ثيابا ولا : أمول منه ، من المال ، ولا ما أشبه ذلك) ا ه.
(٢) في المصباح المنير مادة «مقر» : (مقر مقرا ، فهو مقر ، باب «تعب» صار مرّا ، قال الأصمعي : المقر : الصبر ، وقال ابن قتيبة : شبه الصبر ، وأمقر مقارا لغة) ا ه. ومن هذا الكلام في المصباح يظهر أن هذا تفضيل مما له فعل.
(٣) في كتاب «أفعل» لأبي علي القالي (ص ٨٢): (وتقول العرب : ألص من شظاظ ؛ بكسر الشين وهو رجل من بني ضبة كان مشهورا باللصوصية) ا ه. وقد بنوا «ألص» من اللص ، وقالوا : لا فعل له ، لكن ابن القطاع حكى في أفعاله (١ / ٣٢٨) : لصص ـ بالفتح ـ إذا استتر ، وحكى غيره : لصصه إذا أخذه خفية ، وعلى هذا فلا شذوذ لوجود الفعل.
(٤) أي : صوغ أفعل التفضيل مما لا فعل له.
(٥ و ٦) ينظر : الكتاب (٤ / ١٠٠) تحقيق هارون ، و «أحنك» : مشتق من الحنك وهو ما تحت الذقن.
والمعنى : أكثرها أكلا ؛ لأن الأكل يحرك حنكه ، وورود مثل هذا عن العرب يدل على أنه يجوز بناء أفعل التفضيل من الاسم ولكنه ليس بقياس ، لما ذكره سيبويه ، وفي شرح التصريح (٢/١٠١): (وشذ بناؤه ـ يعني أفعل التفضيل ـ من اسم عين نحو : هو أحنك البعيرين ، بنوه من الحنك وهو اسم عين) ا ه.