.................................................................................................
______________________________________________________
وكذلك تزاد بعد الباء كافة كقول الشاعر :
٢٥٨٩ ـ فلئن صرت لا تحير جوابا |
لبما قد ترى وأنت خطيب (١) |
وغير كافة كقوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ)(٢) ، وتحدث «ما» الكافة في الباء معنى «ربما» فمعنى «لبما قد ترى وأنت خطيب» : لربما قد ترى ، ومثله قول كثير :
٢٥٩٠ ـ مغان يهيّجن الحليم إلى الهوى |
وهنّ قديمات العهود دواثر |
|
بما قد أرى تلك الدّيار وأهلها |
وهنّ جميعات الأنيس عوامر (٣) |
أراد [ربما] قد أرى. و «قد» مع المضارع تفيد هذا المعنى ، ولكن اجتمعا توكيدا كما اجتمعت «عن» و «الباء» التي بمعناها في قول الشاعر :
٢٥٩١ ـ فأصبحن لا يسألنه عن بما به |
أصعّد في غار الهوى أم تصوّبا (٤) |
وتحدث «ما» الكافة في الكاف معنى التعليل كقوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ)(٥) ، وقال الأخفش في قوله تعالى : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)(٦) أي : كما أرسلنا فيكم رسولا فاذكروني أي : كما فعلت هذا فاذكروني (٧). وجعل ابن برهان (٨) من هذا قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ)(٩). أي أعجب ؛ لأنه لا يفلح الكافرون (١٠) ، كذا قدره ، ثم قال : وحكى سيبويه (١١) كما أنه لا يعلم فتجاوز الله عنه أي : لأنه لا يعلم. وإذا حدث ـ
__________________
(١) من الخفيف لصالح بن عبد القدوس ، وتحير : مضارع أحار أي : أجاب ، ولام «لئن» موطئة للقسم ، ولام «لبما» جوابه ، لا جواب الشرط كما وهم العيني ، وانظر : الدرر (٢ / ٤١) والعيني (٣ / ٣٤٧) ، والهمع (٢ / ٣٨).
(٢) سورة آل عمران : ١٥٩.
(٣) البيتان من الطويل.
(٤) من الطويل ، وانظر : الأشموني (٣ / ٨٣) ، والخزانة (٤ / ١٢٤) ، والمغني (٢ / ٣٠) برواية «علو» بدل «غار».
(٥) سورة البقرة : ١٩٨.
(٦) سورة البقرة : ١٥١ ، ١٥٢.
(٧) معاني القرآن للأخفش (١ / ١١١) ، والارتشاف (٢ / ٤٣٨).
(٨) هو أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن عمر بن برهان العكبري ، له أصول اللغة وشرح على لمع ابن جني وغيرهما (ت ٤٥٦ ه) راجع : الأعلام (٤ / ٣٢٦) ، والإنباه (٢ / ٢١٣).
(٩) سورة القصص : ٨٢.
(١٠) شرح اللمع لابن برهان (ص ٢٠٢) وما بعدها.
(١١) الكتاب (٣ / ١٤٠).