.................................................................................................
______________________________________________________
وأما «حتى» الابتدائية فاعلم أن معناها انتهاء الغاية ، وإذا وقعت بعدها الجمل الفعلية دخلها معنى الفاء. والمراد بكونها حرف ابتداء : أن الكلام يستأنف بعدها ويقع بعدها الجملة من فعل ومرفوعه ، والجملة من مبتدأ وخبر ، والكلمتان من شرط وجزاء. فمن وقوع المبتدأ والخبر قول الشاعر :
٢٥٧١ ـ فيا عجبا حتّى كليب يسبّنى |
كأنّ أباها نهشل أو مجاشع |
وقول الآخر :
٢٥٧٢ ـ فما زالت القتلى تمجّ دماءها |
بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (١) |
وقول الآخر :
٢٥٧٣ ـ [سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم] |
وحتّى الجياد ما يقدن بأرسان (٢) |
والنصف الأول من هذا البيت وهو قوله :
سريت بهم حتّى تكلّ مطيّهم
شاهد وقوع الجملة الفعلية. ومن وقوع الشرط والجزاء قوله تعالى : (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً [فَادْفَعُوا])(٣) ، وقوله تعالى : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها)(٤). ومن مجيء الفعل ومرفوعه قوله تعالى : (وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ)(٥) ، ومنه أيضا قوله تعالى : (ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوْا)(٦). ومن ثم وهّم الشيخ المصنف في جعله «حتى» في هذه الآية الشريفة جارة حيث قال : والجارة ومجرورها إما اسم صريح [نحو : (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ)(٧) ، ـ
__________________
(١) من الطويل لجرير. وتمج : تقذف ، والأشكل : البياض تخالطه حمرة ، وراجع : ديوانه (ص ٣٦٧) برواية تمور بدل تمج ، والأشموني (٣ / ٣٠٠) ، والدرر (١ / ٢٠٧) ، (٢ / ١٦) ، وشرح المفصل (٨ / ١٨) ، والعيني (٣ / ٣٨٦) ، والهمع (١ / ٢٤٨) ، (٢ / ٢٤).
(٢) من الطويل لامرئ القيس ، يريد أنه سار بهم طويلا حتى كلت مطيهم وأعيت فصارت جيادهم ـ لذلك ـ لا تحتاج إلى أرسان تقاد بها. وانظر : ديوانه (ص ٩٣) ، والتصريح (٢ / ٣٠٩) ، والدرر (٢ / ١٧٨) ، والكتاب (١ / ٤١٧) ، (٢ / ٢٠٣) والمقتضب (٢ / ٤٠) ، والهمع (٢ / ١٣٦).
(٣) سورة النساء : ٦.
(٤) سورة الزمر : ٧١.
(٥) سورة البقرة : ٢١٤.
(٦) سورة الأعراف : ٩٥.
(٧) سورة يوسف : ٣٥.