.................................................................................................
______________________________________________________
وإذ قد انقضى البحث في ما يتعلق بكلام المصنف فلنذكر شيئا من كلام الجماعة على هذه الكلمة ـ أعني «حتى» ـ ثم نختم ذلك بالكلام على «حتى» الابتدائية ؛ لأن المصنف لم يخصها بكلام في شيء من كتبه.
قال ابن هشام الخضراوي : بين «حتى» و «إلى» فروق (١) ينبغي أن تعرف : منها : أن «حتى» ينتصب الفعل بعدها بإضمار «أن» ، وأما «إلى» فلا ينتصب الفعل بعدها بإضمار «أن» تقول : أسير حتى تطلع الشمس ، ولا يجوز ذلك في «إلى».
ومنها : أن «حتى» إذا نصب الفعل بعدها تخرج إلى معنى «كي» ، وإلى معنى «إلا أن» كما يذكر في إعراب الفعل ولا يكون ذلك في «إلى».
ومنها : أنها لا تجر مضمرا ، وما أجازه أبو العباس من ذلك باطل ؛ لعدم سماعه (٢).
ومنها : أنك تقول : سرت إلى زيد ، ولا تقول : سرت حتى زيد ؛ لأن ما بعد حتى يكون جزءا مما قبلها ، أو ملاقيا لآخر جزء ، أو داخلا مع ما ذكر قبلها بوجه شمله معه ، أو فيما هو مقدر وإن لم يذكر فالأول قولك : أكلت السمكة حتى رأسها ، وضربت القوم حتى زيد ، والثاني قولك : إنه لينام الليل حتى الصباح ويصوم الأيام حتى يوم الفطر ، والثالث قوله :
٢٥٦٥ ـ ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله |
والزّاد حتّى نعله ألقاها |
فالفعل داخل مع الزاد والصحيفة في أنه متاع وسبب ومتملك ، و [الأخير] قوله تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ)(٣) ؛ لأن ذلك في حكم : سلام هي طول أمدها حتى مطلع الفجر ، وكذلك قوله تعالى : (قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ)(٤) المعنى : طول ما تتركون حتى حين ، وتستعمل «إلى» في هذا كله وتزيد بما يخرج عن هذا نحو : نمت النهار إلى ثلث الليل ، وإلى نصفه ، وجئت إلى عبد الله ، وإنما هي غاية دون اشتراط ، ولهذا قال سيبويه فيها : وهي أعمّ في الكلام من حتّى (٥).
ومنها : أن «حتى» لا تكون إلا لتعظيم ، أو تحقير ، أو ضعف ، ولا يلزم ذلك ـ
__________________
(١) ينظر : التذييل (٤ / ٢٧ ـ ٣٠) ، والمغني (ص ١٢٧).
(٢) ينظر : المغني (ص ١٢٣).
(٣) سورة القدر : ٥.
(٤) سورة الذاريات : ٤٣.
(٥) الكتاب (٤ / ٢٣١).