.................................................................................................
______________________________________________________
شواهد خروج ما بعد «حتى» مع صلاحيته للدخول قول الشاعر :
٢٥٦٠ ـ سقى الحيا الأرض حتّى أمكن عزيت |
لهم فلا زال عنها الخير محدودا (١) |
ولا يعتبر في تالي غير الصريح إفهام الزيادة التي أشرت إليها. ومما يختص به تالي الصريح المنتهى به جواز عطفه على ما قبله نحو : ضربت القوم حتى زيدا ، وجواز استئنافه نحو : ضربتهم حتى زيد ؛ فـ «زيد» مبتدأ محذوف الخبر ، ويروى بالأوجه الثلاثة قول الشاعر :
٢٥٦١ ـ عممتهم [بالنّدى] حتّى غواتهم |
فكنت مالك ذي غيّ وذي رشد (٢) |
ويروى بالأوجه الثلاثة أيضا قول الآخر :
٢٥٦٢ ـ ألقى الصّحيفة كي يخفّف رحله |
والزّاد حتّى نعله ألقاها (٣) |
وإلى هذا أشرت بقولي : (وإما كبعض) ؛ لأن النعل ليست بعضا للصحيفة والزاد لكنها كبعض ؛ باعتبار أن إلقاء الصحيفة والزاد إنما كان ليخلو من ثقل وشاغل ، والنعل مما يثقل ويشغل ، فجاز عطفها لذلك ؛ لأنه بمنزلة أن يقول : ألقى ما يثقله حتى نعله ، وإذا لم يصلح أن ينسب لمجرورها ما نسب إلى ما قبلها فالانتهاء عنده ، لا به نحو : صمت ما بعد يوم الفطر حتى يوم الأضحى ، وسريت البارحة حتى الصباح ، فانتهى الصوم عند يوم الأضحى (لا به) (٤) ، لا يصح أن ينسب إليه ؛ [لأن] انتهاء السرى عند الصباح لا به ؛ (إذ) (٥) لا يصح أن ينسب إليه. فالجر متعين والعطف والاستئناف ممتنعان ، ومجرورها أبدا عند سيبويه (٦) ظاهر لا مضمر ، وأجاز غيره أن تجر المضمر فتقول : حتاه ، وحتاك. قال أبو بكر بن السراج : والقول عندي ما قال سيبويه ؛ لأنه غير معروف اتصال «حتى» بالضمير وهو في القياس غير ممتنع (٧).
والتزم الزمخشري كون مجرورها آخر جزء (أو) (٨) ملاقى في آخر جزء (٩) ، وهو غير لازم ومن دلائل ذلك قول الشاعر : ـ
__________________
(١) من البسيط ، والحيا : المطر ، وانظر : الأشموني (٢ / ٢١٤) ، والدرر (٢ / ١٧) ، والمغني (ص ١٢٤) ، والهمع (٢ / ٢٤).
(٢) من البسيط وهو في المغني (ص ١٣٠).
(٣) من الكامل لابن مروان النحوي ، وقيل : للمتلمس وانظر : التصريح (٢ / ٢١٤) ، والكتاب (١ / ٥٠) ، ومعجم الأدباء (١٩ / ١٤٦) ، ويس (١ / ٣٠٢).
(٤) في الهامش : لأنه.
(٥) من هامش المخطوط.
(٦) في الكتاب (٤ / ٢٣١).
(٧) الأصول (١ / ٣٤١).
(٨) في الأصل : و.
(٩) المفصل بشرح ابن يعيش (٨ / ١٥).