.................................................................................................
______________________________________________________
والذين هم قاصرون فروجهم إلا على أزواجهم ، يقال : قصر فلان أمره على فلان. وأما الآية الشريفة الثانية فذكر ابن عصفور (١) عن الفراء (٢) أن «من ، وعلى» إنما اعتقبا على هذا الموضع ؛ لأنه حق عليه ، فإذا قيل : اكتلت عليه ؛ فكأنه قيل : أخذت مما عليه ، وإذا قيل : اكتلت منه ، فكأنه قيل : استوفيت منه.
وقال الخضراوي : دخول «على» هنا أكثر من «من» ، ودخول «من» على أنه استخراج واحد ودخول «على» لأنه استطلاع بحق واستشراف عليه ، قال : وكلاهما على التجوز (٣). وكلام الخضراوي هو معنى كلام الفراء ، وقال ابن أبي الربيع : المعنى : وإذا حكموا على الناس في الكيل استوفوا ؛ لأن ذلك لا يكون حتى يلوا الكيل بأنفسهم (٤).
وأما موافقة الباء : فقد عرفت استدلال المصنف عليها بقوله تعالى : (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ)(٥). وذكر المغاربة من الأدلة على ذلك قول العرب : اركب على اسم الله ؛ المعنى : باسم الله ، وبقول الشاعر :
٢٥٥٧ ـ شدّوا المطيّ على دليل دائب |
من أهل كاظمة بسيف الأبحر (٦) |
أي : بدليل دائب. وبقول الآخر :
٢٥٥٨ ـ وكأنّهنّ ربابة وكأنّه |
يسر يفيض على القداح ويصدع (٧) |
أي : بالقداح وقد خرّج ذلك كله على التضمين (٨) فأما الآية الشريفة فـ «حقيق» فيها ضمن معنى «حريص» وأما «اركب على اسم الله» ، و «على دليل» ، ويفيض على القداح» فخرجه ابن عصفور على تعليق «على» بمحذوف في موضع الحال ؛ التقدير : اركب معتمدا على اسم الله ، وشدوا المطي معتمدين على دليل ، ويفيض ـ
__________________
(١) شرح الجمل (١ / ٣٦٣) وما بعدها.
(٢) معاني القرآن له (٣ / ٢٤٦).
(٣) في التذييل (٤ / ٢٧) بغير نسبة له.
(٤) في التذييل (٤ / ٢٦) «وقال بعض شيوخنا» ثم ذكر رأي ابن أبي الربيع هذا.
(٥) سورة الأعراف : ١٠٥.
(٦) من الكامل هو لعوف بن عطية ، وانظر : الاقتضاب (ص ٤٤٩) ، والخصائص (٢ / ٣١٢) ، واللسان «دلل».
(٧) من الكامل لأبي ذؤيب الهذلي ، والربابة : خرقة تغطى بها القداح كما تطلق على القداح. وانظر : ديوان الهذليين (١ / ٦) ، واللسان «ربب».
(٨) راجع : شرح الجمل لابن عصفور (١ / ٥١٠).