.................................................................................................
______________________________________________________
٢٥٠٠ ـ كأنّ [ريقتها] بعد الكرى اغتبقت |
في مسكن نمّاه النّحل في النّيق |
|
أو طعم عادية في ذي حدب |
من ساكن المزن تجري في الغرانيق (١) |
أي : مع الغرانيق وهي طير الماء ، وساكن المزن : المطر ، والغرانيق لفرحها به تجري معه ، وقول العرب : فلان عاقل في حلم أي : مع حلم ، وخرّجوا «في بركة» على حذف مضاف أي : في جانبي بركة. وكذا «في الغرانيق» أي : في مجرى الغرانيق. ذكر ابن عصفور ذلك في شرح الإيضاح. وأما قول العرب : فلان عاقل في حلم فقال ابن أبي الربيع : «في» هنا تفيد ما لا تفيده «مع» ؛ لأنك إذا قلت : فلان ذو عقل مع حلم ؛ لم يقتض أن عقله كان له في حين اتصافه بالحلم ؛ إذ قد يقال هذا لمن حلم في وقت وظهر فيه عقل في وقت آخر ، وإذا قلت : فلان عاقل في حلم فالمعنى أن حلمه تصرف بالعقل على حسب مقتضاه فكأنه دخل فيه (٢). وقال : في قول الجعدي (٣) :
٢٥٠١ ـ ولوج ذراعين في بركة
إن «في بركة» صفة لـ «ذراعين» كأنه قال : داخلان في بركة ؛ ألا ترى أنك لا تجد في كلام العرب : ولوج ذراعين في كفل ؛ لأن الذراعين لا يكونان في الكفل ، و «مع» تصلح هنا لو قلت : له ذراعان مع كفل ؛ لكان ذلك صحيحا ، وتقول : له رجلان في كفل ، ولا تقول : رجلان في بركة ، ويصلح أن تقول : مع بركة (٤). ففي النظر في تخريج ما استدل به المصنف. أما قوله تعالى : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ)(٥) الآية ، فقال الشيخ : يحتمل أن يكون على حذف مضاف أي : في عذاب أمم ، ويكون (فى النار) (٦) بدلا. انتهى.
ولقائل أن يدعي أن «في» باقية على معناها ، ولكن الظرفية مجاز ، ويكون (فى النار) في موضع الصفة ؛ وصف بالجار والمجرور بعد الوصف بالجملة ، ـ
__________________
(١) من البسيط ، والريق : ماء الفم ، والريقة : مؤنثة في الشعر أو للوحدة ، والحدب : ما ارتفع من الأرض ، يمدح ريق محبوبته ، ومعناهما واضح.
(٢) في التذييل (٤ / ٢٠) بغير تعيين له.
(٣) قيس بن عبد الله الجعدي العامري شاعر معمر هجر الأوثان ونهى عن الخمر قبل الإسلام ، ووفد على النبي صلىاللهعليهوسلم فأسلم (ت ٥٠ ه) وراجع : الإصابة (٣ / ٥٣٧) ، والأعلام (٦ / ٥٨) ، والقاموس «نبغ».
(٤) التذييل (٤ / ٢٠) بغير ذكر لابن أبي الربيع.
(٥ و ٦) سورة الأعراف : ٣٨.