.................................................................................................
______________________________________________________
واعلم أن ابن هشام الخضراوي (١) ذكر للباء معنيين آخرين :
أحدهما : السببية ومثل ذلك بنحو : لقيت بزيد الأسد ، ورأيت به القمر ، التقدير : لقيت بلقائي إياه الأسد ، أي : شبهه ، وبرؤيتي إياه القمر ، أي : شبهه.
والثاني : أنها تدخل على ما ظاهره أن المراد به غير ذات الفاعل ، أو ما أضيف إلى ذات الفاعل نحو قوله :
٢٤٧٧ ـ [إذا ما غزا لم يسقط الخوف رمحه] |
ولم يشهد الهيجا بألوث معصم (٢) |
وقول الآخر :
٢٤٧٨ ـ يا خير من يركب المطيّ ولا |
يشرب كأسا بكفّ من بخلا (٣) |
فظاهر الكلام أن «بألوث معصم» غير فاعل «يشهد» أن ما أضيف إليه الكف وهو «من بخل» غير فاعل «يشرب» والمراد في الحقيقة أن فاعل «يشهد» هو «ألوث معصم» أي : يشهدها بنفسه ، وليس «بألوث معصم» ، وفاعل «يشرب» هو «من بخل» كأنه قال : ولا يشرب من نفسه بكف من بخل ، أي : يشرب كأسه بنفسه وليس ببخيل.
قال ابن عصفور ـ بعد أن ذكر للباء هذين المعنيين عن بعضهم ـ : والصحيح عندي أن الباء في : لقيت بزيد الأسد ؛ معناها السبب ، التقدير: لقيت بسبب لقاء زيد الأسد ، وكذا : رأيت به ، التقدير : رأيت بسبب رؤيته القمر ، وأنها في قوله :
... ولا |
يشرب كأسا بكفّ من بخلا |
باء الاستعانة ؛ لأنها دخلت على الاسم المتوسط بين الفعل ومفعوله كما أنها كذلك في قولك : شربت الماء بكفي [٤ / ٣] وكذلك في قول الآخر :
ولم يشهد الهيجا بألوث معصم (٤)
انتهى. ـ
__________________
(١) ينظر : الهمع (٢ / ٢٢).
(٢) شطر بيت ذكرنا صدره وهو من الطويل ، والألوث ـ هنا ـ : الأحمق. وانظر : اللسان «لوث» وفيه أنه لطفيل الغنوي.
(٣) من المنسرح للأعشى ـ انظر ديوانه (ص ٢٣٥) ، والأصل : ركب بدل يركب ، وسر الصناعة (ص ٣٨٠) والمحتسب (١ / ١٥٢) ومعاهد التنصيص (١ / ٢٥٣).
(٤) وبه قال أبو حيان. الارتشاف (ص ٧١٥) والهمع (٢ / ٢٢).