.................................................................................................
______________________________________________________
ولا شكّ أنّ هذا القول المنقول عن ابن كيسان بعيد عن المراد فلا ينبغي أن يعرّج عليه.
ومنها : أنّ الشيخ قال : دخول (لا) على (حبذا) لا يخلو من إشكال ؛ لأنّ (حبّذا) إما فعل ، و (ذا) فاعل ، أو كلّه فعل ، وعلى كلا التقديرين لا ينبغي أن يدخل (لا) عليه ؛ لأنّ (لا) لا تدخل على الماضي غير المتصرف ، وتدخل على المتصرف قليلا ، وأما هو بمجموعه اسم ؛ فلا ينبغي أن يدخل (لا) عليه أيضا ؛ لأنه إما أن يقدر منصوبا بها وليس بجيد ؛ لأنّ النصب على العموم ، نحو : لا رجل ، ولا يصح هنا ؛ لأنه خصوص. وإما أن يقدّر مرفوعا ، وليس بجيد ؛ لأن الأصحّ تكرار (لا) فلا بدّ منه ، ولا يجوز إذا ارتفعت الأسماء بعدها بالابتداء ألّا تكرر إلا على مذهب الأخفش والمبرّد (١). انتهى.
ونحن إذا مشينا على المذهب الذي رجّحه المصنف ، واختاره وهو أنّ (حبّذا) فعل وفاعل سهل الأمر ؛ وذلك أن يقال للشّيخ : (حبّذا) وإن كان لا يتصرف الآن ؛ فهو قبل إسناده إلى (ذا) متصرف ، وإنّما عدم التصرّف له عارض ، فلا يعتبر ، وأنت قد اعترفت بأنّ (لا) تدخل على الفعل المتصرف قليلا ، فهذا من القليل الذي أشرت إليه.
ومنها : أنّ المصنف قد جوز في إعراب المخصوص الواقع بعد (حبّذا) وجهين :
أن يكون مبتدأ والجملة بعده هي الخبر عنه ، وأن يكون خبر مبتدأ مقدّر (٢) ، وذكر الشيخ أنّ منهم من يقول : إنّه مبتدأ محذوف الخبر ، فيصير فيه ثلاثة أقوال ، كالثلاثة التي ذكرها في (زيد) من نحو : نعم الرجل زيد.
وأقول : قد تقدّم بيان ضعف هذا القول الثالث ، فلا ينبغي التعويل عليه ، وقد تقدم عن ابن كيسان أنّ (ذا) من (حبّذا) مشار به أبدا إلى مذكّر محذوف ، والتقدير : حبّذا حسن زيد ؛ فعلى مذهبه يقال : إنّ «زيدا» من نحو : حبذا زيد ـ
__________________
المقصود ؛ لأنه ليس لازم الوصف ؛ لجواز الحذف بالغرض ، ولأنّ بعض العرب ينصب بها التمييز لما أراد بيان الذات ، ولو كان لكان الأولى رد الأصل». اه.
(١) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٥٧٩) وفي النقل تصرف يسير.
(٢) ينظر : شرح المصنف (٣ / ٢٦).