.................................................................................................
______________________________________________________
وضع الرجل موضع (ذا) لما فهم منه ما أرادوه من التقريب (١). قال : وإذا أرادوا معنى الذم أدخلوا عليها (لا) النافية ؛ لأنّ نفي المدح ذمّ (٢).
ومنها : أنّ ابن عصفور استدلّ على أنّ (حبّذا) جعل بمنزلة لفظ واحد ، فكانت مبتدأ ، وإن كان أصلها الفعل والفاعل (٣) بشيئين :
أولهما : أنّ (ذا) لا تتغير بحسب المشار إليه ، فكما يقال : حبذا زيد ، يقال : حبذا الزيدان ، وحبذا الزيدون ، وحبّذا الهندات (٤) ، وقد قال الشاعر :
٢٠٥٩ ـ وحبّذا نفحات من يمانية |
|
تأتيك من قبل الرّيّان أحيانا (٥) |
ثانيهما : أنّهم لا يفصلون بين (حبّ) و (ذا) بشيء ، لا يقال : حبّ اليوم ذا. فدلّ هذان الأمران على أنّهم أخرجوا الجملة المركبة ، من (حبّ) و (ذا) عن أصلها ، وجعلوها بمنزلة لفظ واحد. انتهى.
وقد عرفت [٣ / ١١٠] ما استدلّ به المصنف على أن (حبّذا) ـ من قولنا :حبّذا زيد ـ فعل وفاعل ، لم يحصل فيهما تغيير ، وكفى به ، وأما ما استدلّ به ابن عصفور ، فالجواب : أنّ (حبذا) جار مجرى المثل ، وأنّ الأمثال وما جرى مجراها لا يغيّران ، وأما قول ابن عصفور : إنّ (حبّذا) مبتدأ ، مخبر عنه بما بعده ، والتقدير :المحبوب زيد ، فقد تقدم نقل المصنف عن ابن خروف أنّ (حبّ) فعل ، و (ذا) فاعله و (زيد) مبتدأ ، وخبره (حبذا) ، وأنّ ابن خروف قال : وهذا قول سيبويه ، وأخطأ من زعم غير ذلك (٦). ونصّ سيبويه هو أن قال : وزعم الخليل أنّ (حبذا) ـ
__________________
(١ ، ٢) ينظر : شرح الجمل الصغيرة لابن عصفور ، ورقة (٤٩).
(٣) ينظر : شرح الألفية للشاطبي (٤ / ٥٢) رسالة.
(٤) ينظر : المقرب (١ / ٧٠) ، وشرح الألفية للشاطبي (٤ / ٥٥ ، ٥٦).
(٥) البيت من البسيط ، وقائله جرير ، من قصيدة في هجاء الأخطل.
اللغة : نفحات : جمع نفحة ، وهي الدفعة التي تندفع من الريح ، الشاهد في البيت : قوله : «حبذا نفحات» ؛ حيث لزمت (ذا) الإفراد والتذكير مع أن المخصوص جمع ، وهو (نفحات).
ينظر الشاهد في : ديوان جرير (١ / ١٦٥) ، وشرح أبيات سيبويه لابن السيرافي (١ / ٦٧) ، واللسان «حبب» ، والهمع (٢ / ٨٨) ، والدرر (٢ / ١٥) ، وفي التذييل والتكميل (٤ / ٥٦٩) بيان الآراء في علة إفراد اسم الإشارة وتذكيره في (حبذا) وإن اختلف المخصوص بالتثنية والجمع والتأنيث.
(٦) سبق.