.................................................................................................
______________________________________________________
على التفضيل فهو مردود بما تقدم (١). هذا كلّه كلام ابن الحاجب ، ولا يخفى تجاذب الأدلّة ، في هذه (الأوجه) (٢) ، فعلى الناظر أن يتأمل ويرجح من الأربعة ما هو أقلّ خدشا من غيره ، والذي يظهر أنّها عهديّة إما تعهد ذهني ، أو تعهد خارجي ، والربط بالمعنى جائز إذا لم يحصل لبس ، كما تقدم فلا ينسب منعه إلى سيبويه.
البحث الثاني :
الذي ذكره المصنف في (ما) من نحو : «ما صنعت» ثلاثة أقوال للأئمة ، أشار إليها في متن الكتاب : أن تكون معرفة تامة ، وأن تكون موصولة يكتفى بها ، وبصلتها عن المخصوص ، وأن تكون نكرة منصوبة على التمييز ، وذكر في الشرح أنها تركب مع الفعل ، لكنّ ظاهر ما أورد أنّ التركيب ليس في نحو : «نعم ما صنعت» ، وإنّما هو في نحو : «بئسما تزويج ولا مهر» (٣) وذلك حيث وليها اسم.
وابن عصفور ذكر هذه الأقوال الأربعة ، وزاد قولين آخرين :
أحدهما : أن تكون نكرة غير موصوفة ، وهذا القول غير الذي ذكره المصنف ؛ لأنّ المصنف أراد بقوله : نكرة : النكرة المنصوبة على التمييز ، والنكرة التي أرادها ابن عصفور النكرة التي هي غير تمييز (٤) ؛ لأنه جعلها في الأصل قسيمة التي هي تمييز.
ثانيهما : أن تكون مصدريّة.
وما ذكره الشيخ في شرحه من أنّها تكون كافة أيضا (٥) ، ليس خارجا من هذه الأقسام ؛ لأنّ الكافة هي التي تركب مع الفعل ، فيصيران معا شيئا واحدا ، فليست قسما زائدا ، والذي تلخص من كلام الرجلين ـ أعني المصنف وابن عصفور : ـ أن (ما) إما في موضع نصب ، أو موضع رفع أو لا موضع لها. والتي في موضع رفع :إمّا تامة ، وإما نكرة ، وإمّا موصولة ، وإما مصدرية. فالتي في موضع نصب تمييز ـ
__________________
(١) ينظر : الفوائد الضيائية وشرح كافية ابن الحاجب تحقيق د / أسامة طه الرفاعي (٢ / ٣١٣) ، وشرح كافية ابن الحاجب للرضي (٢ / ٣١٤).
(٢) ما بين القوسين من الهامش.
(٣) في معاني الفراء (١ / ٥٧ ، ٥٨) جعلت (نعم) صلة لما ، بمنزلة قولك : كلما ، وإنما كانت بمنزلة حبذا فرفعت بها الأسماء ، ثم قال : «وسمعت العرب تقول في (نعم) المكتفية بما : بئسما تزويج ولا مهر ؛ فيرفعون التزويج بـ (بئسما)». اه. وينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، ٤٨٢).
(٤) ينظر : المقرب لابن عصفور (١ / ٦٦).
(٥) ينظر : التذييل والتكميل (٤ / ٥٨٢).