.................................................................................................
______________________________________________________
وقال سيبويه : وكأين رجلا [قد] رأيت ، زعم ذلك يونس ، وكأين قد أتاني رجلا ، إلّا أنّ أكثر العرب إنّما يتكلمون بها مع (من) (١). انتهى.
واعلم أنّه لما تعذّرت الإضافة إلى تمييز (كأيّن) لم يبق إلّا النصب وجرّه بـ (من) أكثر من استعماله منصوبا ؛ لأنّها بمنزلة (كم) الخبرية في المعنى ، وكم الخبرية يقلّ نصب تمييزها إذا لم يفصل (٢) بينها وبينه (٣).
ثمّ قال الشيخ : ولا يحفظ جرّ التمييز بعد (كأيّن) فإن جاء كان بإضمار (من) وهو مذهب الخليل (٤) ، والكسائي (٥) كأنّ الشيخ يعني أنّ هذين الإمامين يجيزان بقاء الكلمة مجرورة ، بعد حرف الجرّ ، وهي المسألة المشهورة المذكورة في باب تعدّي الفعل ، ولزومه ، قال : ولا يحمل ذلك على إضافة (كأيّن) كما ذهب إليه ابن كيسان (٦). يعني : لما علمت من أنّ إضافة (كأيّن) إلى ما بعدها لا يجوز. ومن ثمّ قال سيبويه : قال الخليل : إن جرّ أحد من العرب ، فعسى أن يجرّ بإضمار (من) (٧). وقال ابن خروف : يكون في مميزها النصب ، ويجوز الجرّ بـ (من) ، لكنّه قال : وبغير (من) ، بفصل ، وبغير فصل ، ومعناها التكثير ولها حكم الخبرية في جميع أحوالها (٨) ، وهذا من ابن خروف يدلّ على أنّ الجرّ بعدها يكون بالإضافة أيضا ، كما يكون بـ (من) مقدرة [٣ / ٨٧] والأكثر أن يكون مفردا.
الثالث : جوّز المبرد في : «كأين رجلا ضربت» أن يكون (رجلا) مفعول (ضربت) ويكون التمييز محذوفا ، التقدير : كأين مرة رجلا ضربت ، فيكون (رجلا) واحدا لفظا ومعنى ، وجوّز أن يكون (رجلا) تمييزا ، فيكون واحدا في ـ
__________________
(١) ينظر الكتاب (٢ / ١٧٠).
(٢) في التذييل والتكميل (٤ / ٤٠٢): «لم يحل» بدل «لم يفصل» هذه.
(٣) ينظر المرجع السابق الصفحة نفسها.
(٤ ، ٥) ينظر المرجع السابق الصفحة نفسها والكتاب (٢ / ١٧١) حيث قال سيبويه : «قال ـ أي الخليل ـ :إن جرها أحد من العرب فعسى أن يجرها بإضمار (من) كما جاز ذلك فيما ذكرنا في (كم)». اه.
(٦) ينظر رأي ابن كيسان في : التذييل والتكميل (٤ / ٤٠٤) ، وينظر في كتاب (ابن كيسان النحوي) (ص ١٦٩) للدكتور محمد البنا.
(٧) ينظر : الكتاب (٢ / ١٧١).
(٨) ينظر رأي ابن خروف في : التذييل والتكميل (٤ / ٤٠٤).