[الاستثناء المتصل والمنقطع]
قال ابن مالك : (فإن كان بعض المستثنى منه حقيقة فمتصل ، وإلّا فمنقطع ، مقدر الوقوع بعد «لكن» عند البصريين ، وبعد «سوى» عند الكوفيّين).
______________________________________________________
فيكون من باب تسمية الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورا له أو كان منه بسبب.
المبحث العاشر :
قد علم شمول الحدّ للمستثنى المفرّغ له العامل وإن كان ليس في الكلام لفظ مفرغ منه لكنّه مفرغ من العموم المفهوم من معنى الكلام المتقدم ؛ لأنّ معنى : ما قام إلّا زيد : ما قام أحد إلا زيد ، ولهذا ذكر النحاة أنّ تسمية هذا استثناء إنما هو بالنظر إلى المعنى ، لا إلى اللفظ.
قال ناظر الجيش : لمّا أفهم قوله في الحدّ : تحقيقا أو تقديرا أنّ المستثنى نوعان (١) ؛ أراد أن يبين حقيقة كلّ منهما ، فقال (٢) : إن كان المستثنى بعض ما استثني منه حقيقة فهو متصل ، نحو : قام الرجال إلّا زيدا ، وإن لم يكن كذلك فهو منقطع ، ومنفصل ، وقيد البعض تحقيقه احترازا من المنقطع المستعمل ، قال : فإنه لا يكون إلا مما يستحضر بوجه ما ، عند ذكر المستثنى منه ، وذكر ما نسب إليه ، نحو : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ)(٣) ولأنّ ذكر العباد (٤) يذكّر بالإله الحقّ فبهذا الاعتبار (٥) لا يكون المستثنى غير بعض ؛ إلّا لأنّ المستثنى منه لا يتناوله وضعا (٦) ، فإن تناوله بغير ذلك فله حظّ من البعضية مجازا ، ولذلك قيل له : مستثنى ، فإن لم يتناوله بوجه من الوجوه لم يصح استعماله ، لعدم الفائدة ، ثم مثل لذلك بما تقدّم ، من : (صهلت الخيل إلّا البعير) ، قال : فلو قلت : صوتت الخيل إلا البعير لجاز ؛ ـ
__________________
(١) أي متصل ، ومنقطع.
(٢) شرح التسهيل لابن مالك (٢ / ٢٦٩).
(٣) من الآية ٧٧ من سورة الشعراء.
(٤) أي في قوله تعالى : (قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ)[الشعراء : ٧٥] : «سواء كان من جنس الأول ، نحو : قام بنوك إلا ابن زيد ، أو لم يكن نحو : قام القوم إلا حمارا» ا. ه.
(٥) أي استحضار ذكر الإله الحق عند ذكر العبادة.
(٦) المعنى أن الاستثناء في الآية الكريمة : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) وما في صورتها منقطع ، لأن المستثنى ليس بعض المستثنى منه وضعا ، أي في اللفظ ، وإن كان له ارتباط معنوي.