.................................................................................................
______________________________________________________
ليشمل الحدّ المنقطع أيضا ، ووجه إخراجه تقديرا أنّه لمّا لم يتناوله لفظ المستثنى منه ـ كما في المتّصل ـ قدّر دخوله فيه ، ليصدق عليه لفظ المخرج وعلى هذا فلفظ «المخرج» صادق على المنقطع كصدقه على المتّصل لكنّ المتّصل يخرج تحقيقا ، لتحقّق دخوله في المستّثنى منه والمنقطع يخرج تقديرا لأنه لم يتحقق دخوله في المستثنى منه ، بل هو مقدّر الدخول ، كما تقدم. والمشهور من كلام النّحاة أنّ المنقطع ليس يخرج من شيء ، ولهذا قال ابن الحاجب : إنّ حد الاستثناء مشكل ؛ لأنّ الاستثناء يجمع المتّصل والمنقطع ، ولا يميز المتصل إلّا بالإخراج ، ولا إخراج في المنقطع ، وكلّ أمرين نصل أحدهما مفقود في الآخر يستحيل جمعهما في حدّ واحد ، فالأولى أن يحدّ كلّ منهما على حدته ، المتصل على حدته ، والمنقطع على حدته (١). انتهى.
فإن عنى هؤلاء أنّ الإخراج من اللفظ لم يكن فيه مخالفة للمصنف ، وإن عنوا أن لا إخراج أصلا ، لا لفظا ولا تقديرا وضحت المخالفة ، نعم ، قد ذكر النحاة أن المنقطع ينقسم إلى قسمين : قسم يتصوّر فيه الاتصال بوجه ما من المجاز ، وقسم لا يتصور فيه ذلك ، كما يأتي تقريره في المبحث التاسع ، فيمكن الرّجوع بقول المصنّف : إن المنقطع يخرج أيضا إلى ما ذكروه ، لكنّ المصنّف جعل كل منقطع مخرجا تقديرا ، وهم إنما صوّروا الاتّصال مجازا في أحد القسمين ، واستأنس المصنف لما قرّره بقول ابن السّرّاج : إذا كان الاستثناء منقطعا فلا بد أن يكون الكلام الذي قبل (إلا) قد دلّ على ما يستثنى ، فتأمل هذا فإنه يدقّ ، فمن ذلك قوله جلّ وعلا : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)(٢) فالعاصم الفاعل ، و (مَنْ رَحِمَ) قد دلّ على العصمة والنجاة ، فالتقدير ـ والله أعلم ـ : لكن من رحم يعصم أو معصوم (٣).
وعلى هذا التقدير قال المصنّف : لو قلت : صهلت الخيل إلّا البعير ، ورغت الإبل إلّا الفرس ؛ لم يجز ، لأنّ المستثنى منه لا يتناوله بوجه من الوجوه ، فلا يصحّ استعماله لعدم الفائدة (٤). ـ
__________________
(١) ينظر الإيضاح في شرح المفصل لابن الحاجب (١ / ٣٦١) وفي النقل تصرف.
(٢) سورة هود : ٤٣ ، وينظر في تقرير ذلك : الهمع (١ / ٢٢٣) ، وبسط وتوضيح في الاستغناء (ص ٤٧١ ، ٤٨١ ، ٥١٣ ، ٥١٨).
(٣) الأصول (١ / ٢٢٥ ، ٢٢٦) وفي عبارته : (فتفقد) بدل (فتأمل).
(٤) شرح التسهيل لابن مالك (٢ / ٢٦٩).