وقال الآخر :
[٣٥٧] تراكها من إبل تراكها |
|
أما ترى الموت لدى أوراكها |
أراد «اتركها» وقال الآخر :
[٣٥٨] مناعها من إبل مناعها |
|
أما ترى الموت لدى أرباعها |
أراد «امنعها» وقال جرير :
[٣٥٩] نعاء أبا ليلى لكلّ طمرّة |
|
وجرداء مثل القوس سمح حجولها |
______________________________________________________
بالبيت ههنا قوله «فدعوا نزال» حيث أوقع لفظ «نزال» في موقع المفعول به لأنه أراد هذا اللفظ ، ولو أراد المعنى لم يجز له أن يوقعه في شيء من مواقع الإعراب ؛ لأن الفعل وما هو بمعناه لا يقع في شيء منها ، وقد بيّنا لك ذلك في شرح الشواهد السابقة.
[٣٥٧] هذان بيتان من مشطور الرجز ، وهما من شواهد سيبويه (٢ / ٣٧) وابن يعيش في شرح المفصل (ص ٥١٥) ولم يعزهما واحد منهما إلى قائل معين ، وقد أنشدهما ابن منظور (ت ر ك) وعزاهما إلى طفيل بن يزيد الحارثي ، وتراك : اسم فعل أمر بمعنى اترك ، وهو مبني على الكسر لما ذكرنا في شرح الشاهد ٣٥٥ ، وفيه ضمير مستتر واجب الاستتار كما يكون في فعل الأمر ، والضمير البارز المتصل في محل نصب به. ومحل الاستشهاد قوله «تراكها» حيث استعمل فعال المأخوذ من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف اسم فعل أمر ، وبناه على الكسر ، على ما بيّناه في شرح الشواهد السابقة.
[٣٥٨] هذان بيتان من الرجز المشطور ، وهما من شواهد سيبويه (٢ / ٣٦) وابن يعيش في شرح مفصل الزمخشري (ص ٥١٥) ولم يعزهما واحد منهما لقائل معين ، ومناع : اسم فعل أمر بمعنى امنع ، والأرباع : جمع ربع ، وهو المنزل والدار بعينها ، والوطن متى كان وبأي مكان كان ، ويجمع أيضا على أربع ورباع وربوع. ومحل الاستشهاد به قوله «مناعها» حيث استعمل فعال المأخوذ من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف اسم فعل أمر ، وبناه على الكسر ، على نحو ما بيّناه في شرح الشواهد السابقة.
[٣٥٩] هذا البيت من شواهد سيبويه (٢ / ٣٧) ونسبه إلى جرير بن عطية ، ووافق الأعلم على هذه النسبة ، ولكني لم أجده في ديوان جرير ، ونعاء : اسم فعل أمر معناه انع ، أي اذكر خبر موته والفجيعة فيه ، والطمرة ـ بكسر الطاء والميم جميعا ، وتشديد الراء مفتوحة ـ الخفيفة السريعة من الخيل ، والجرداء : القصيرة الشعر ، وهذان من الأوصاف التي توصف بها عتاق الخيل ، وشبهها بالقوس لانطوائها من الهزال ، يريد أنه كان يجهدها في الحرب والإغارات حتى هزلت ، وقوله «سمح حجولها» الحجل : القيد ، يريد أنها مذللة خاضعة للتقييد ، ومحل الاستشهاد بهذا البيت قوله «نعاء أبا ليلى» حيث استعمل فيه اسم الفعل المأخوذ من مصدر الفعل الثلاثي المتصرف ـ وهو نعى ـ وجاء به على وزن فعال ، وبناه على الكسر ، وقد أضمر فيه فاعله كما يضمر في فعل الأمر الذي بمعناه ، ونصب به المفعول ـ وهو قوله «أبا ليلى» ـ لأن فعل الأمر الذي هو بمعناه يصل إلى المفعول به