لأنّا نقول : بل الرواية الصحيحة المشهورة ما رويناه ، ولو قدرنا أن ما رويتموه صحيح فما عذركم عما رويناه مع صحته وشهرته؟ وقال الآخر :
[٣١٩] [٢٠٧]ومصعب حين جدّ الأم |
|
ر أكثرها وأطيبها |
قالوا : ولا يجوز أن يقال إن الرواية :
* وأنتم حين جدّ الأمر* [٣١٩]
لأنّا نقول : بل الرواية الصحيحة ما رويناه ، ولو قدرنا ما رويتموه صحيحا فما عذركم عما رويناه على ما بيّنا؟ وقال الآخر :
[٣٢٠] وممّن ولدوا عامر |
|
ذو الطّول وذو العرض |
______________________________________________________
[٣١٩] أنشد ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٨١) هذا البيت من غير عزو ، والمصعب في الأصل : الفحل ، وقالوا «رجل مصعب» يعنون أنه سيد ، ثم سموا مصعبا ، وممن سمي بهذا الاسم مصعب بن الزبير بن العوام ، وقالوا «المصعبان» يعنون مصعبا وابنه عيسى بن مصعب ، وقيل : يعنون مصعب بن الزبير وأخاه عبد الله ، ومحل الاستشهاد من هذا البيت قوله «ومصعب» فإنه مرفوع بغير تنوين ، فدل ذلك على أنه ممنوع من الصرف ، مع أنه ليس فيه إلا علة واحدة وهي العلمية ، والدليل على أن الأصل في مصعب الصرف قول عبيد الله بن قيس الرقيات :
إنما مصعب شهاب من الل |
|
ه تجلت عن وجهه الظلماء |
وقول الفرزدق همام بن غالب (الديوان ص ٢٦) :
وقدر أي مصعب في ساطع سبط |
|
منها سوابق غارات أطانيب |
و «أطانيب» في قول الفرزدق ليست وصفا للسوابق كما توهمه صاحب اللسان ، فقال «وخيل أطانيب : يتبع بعضها بعضا ، ومنه قول الفرزدق ، ثم أنشد البيت» ولو كانت الأطانيب من وصف الخيل المعبر عنها ههنا بالسوابق لكانت منصوبة ، ولكن الأطانيب في هذا البيت من وصف الغارات المجرور ، وقال صاحب الأساس «وغارات أطانيب : متصلة لا آخر لها ، وقال الفرزدق ، ثم أنشد البيت».
[٣٢٠] هذا البيت لذي الإصبع العدواني ، واسمه الحارث بن محرث بن حرثان من كلمة رواها أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني (٣ / ٤ و ١٠ بولاق) والبيت من شواهد ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٨١) وابن عقيل (٣٢١) وابن الناظم في باب ما لا ينصرف من شرح الألفية ، وشرحه العيني (٤ / ٣٦٤ بهامش الخزانة) وأنشده ابن منظور (ع م ر) من غير عزو «وعامر» هو عامر بن الظرب العدواني ، الذي يقول فيه ذو الإصبع من كلمة الشاهد :
ومنهم حكم يقضي |
|
فلا ينقض ما يقضي |
وهو ذو الحلم الذي قيل فيه المثل «إن العصا قرعت لذي الحلم» وقيل : إن ذا الحلم هو عمرو بن حممة الدوسي (انظر شرح التبريزي على الحماسة ١ / ٢٠١ بتحقيقنا) وقوله «ذو الطول وذو العرض» كناية عن عظم جسمه ، والعرب تتمدح بطول الأجسام ، ومن ذلك