٦٩
مسألة
[هل يجوز صرف أفعل التّفضيل في ضرورة الشعر؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أن «أفعل منك» لا يجوز صرفه في ضرورة الشعر.
وذهب البصريون إلى أنه يجوز صرفه في ضرورة الشعر.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا ذلك لأن «من» لما اتصلت به منعت من صرفه لقوة اتصالها به ، ولهذا كان في المذكر والمؤنث والتثنية والجمع على لفظ واحد ، نحو «زيد أفضل من عمرو ، وهند أفضل من دعد ، والزيدان أفضل من العمرين ، والزّيدون أفضل من العمرين» وما أشبه ذلك ؛ فدل على قوة اتصالها به ؛ فلهذا قلنا : لا يجوز صرفه.
ومنهم من تمسّك بأن قال : إنما قلنا ذلك لأن «من» تقوم مقام الإضافة ولا يجوز الجمع بين التنوين والإضافة ؛ فكذلك لا يجوز الجمع بينه وبين ما يقوم مقام الإضافة ، وإنما لم يجز الجمع بين التنوين والإضافة لأنهما دليلان من دلائل الأسماء ، فاستغني بأحدهما عن الآخر.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه يجوز صرفه لأن الأصل في الأسماء [٢٠٣] كلها الصرف ، وإنما يمنع بعضها من الصرف لأسباب عارضة تدخلها على خلاف الأصل ؛ فإذا اضطر الشاعر ردّها إلى الأصل ، ولم يعتبر تلك الأسباب العارضة التي دخلت عليها ، قال أبو كبير الهذليّ :
[٣٠٨] ممّن حملن به وهنّ عواقد |
|
حبك النّطاق فشبّ غير مهبّل |
______________________________________________________
[٣٠٨] هذا البيت من كلام أبي كبير الهذلي ، واسمه عامر بن الحليس ، ويقال : عويمر بن الحليس ، أحد بني سعد بن هذيل ، وهو من كلمة أثر منها أبو تمام في ديوان الحماسة
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : شرح الأشموني مع حاشية الصبان (٣ / ٢٣٣) وتصريح الشيخ خالد الأزهري (٢ / ٢٨٦ بولاق) وشرح الرضي على الكافية (١ / ٣٣) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ٨٣) وأسرار العربية للمؤلف (ص ١٢٢).