وهو وادع. ولا
وذر وذرا فهو واذر ؛ فأما قول أبي الأسود الدؤلي :
[٣٠٦] ليت
شعري عن خليلي ما الّذي
|
|
غاله في
الحبّ حتّى ودعه؟
|
وقول سويد بن
أبي كاهل :
[٣٠٧] فسعى
مسعاته في قومه
|
|
ثمّ لم يبلغ
ولا عجزا ودع
|
______________________________________________________
[٣٠٦] أنشد ابن
منظور هذا البيت (ود ع) ونسبه إلى أبي الأسود الدؤلي ، ثم قال «وهذا البيت روى
الأزهري عن ابن أخي الأصمعي أن عمه أنشده لأنس بن زنيم :
ليت شعري عن
أميري ما الذي
|
|
غاله في الحب
حتى ودعه
|
لا يكن برقك
برقا خلبا
|
|
إن خير البرق
ما الغيث معه
|
قال ابن بري :
وقد روي البيتان للمذكورين» اه كلام ابن منظور ، واستشهد به الرضي في شرح الشافية (رقم
٢٠) وشرحه البغدادي (ص ٥٠) وودع يدع : معناه ترك يترك ، والاستشهاد بهذا البيت في
قوله «ودعه» بتخفيف الدال مفتوحة ـ حيث ورد فيه الفعل الماضي الثلاثي من هذه
المادة ، والمشهور أن العرب أهملت الماضي الثلاثي من هذه المادة ، واستعملت
المضارع والأمر منها ، وقد ذكر المؤلف أن المشهور أن العرب أهملت اسم الفاعل من
هذه المادة أيضا ، وأنهم استغنوا عن الفعل الثلاثي المجرد من هذه المادة بفعل آخر
من معناه ، وهو ترك ، واستغنوا كذلك عن «وذر» الماضي ؛ لأن ترك يقوم مقامه ،
واستعملوا مضارع «وذر» وأمره ، فقالوا «يذر ، ذر» قال الله تعالى : (ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ
عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ) وقال سبحانه : (ذَرْنِي وَمَنْ
خَلَقْتُ وَحِيداً) وقد استعمل الشاعر في بيت الشاهد «ودع» الثلاثي المجرد
حين اضطر ؛ مراجعة لأصل مهجور ، ونظيره قول الآخر :
وكان ما
قدموا لأنفسهم
|
|
أكثر نفعا من
الذي ودعوا
|
ونظيرهما قول
الآخر :
فسعى مسعاته
في قومه
|
|
ثم لم يدرك ،
ولا عجزا ودع
|
وقرأ عروة بن
الزبير في قوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ
وَما قَلى) بتخفيف الدال ، قال الليث : «العرب لا تقول : ودعته
فأنا وادع ، ولكن يقولون في الغابر (أي في المضارع) يدع ، وفي الأمر : دعه ، وفي
النهي : لا تدعه» اه. وقد ورد استعمال اسم الفاعل من ودع الثلاثي المجرد في قول
معن بن أوس :
عليه شريب
لين وادع العصا
|
|
يساجلها
حماته وتساجله
|
وفي بيت آخر
أنشده أبو علي الفارسي في البصريات :
فأيهما ما
أتبعن فإنني
|
|
حزين على ترك
الذي أنا وادع
|
كما ورد المصدر
الثلاثي المجرد في حديث ابن عباس «لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن على
قلوبهم» أي عن تركهم إياها والتخلف عنها ، قال ابن بري «وزعم النحوية أن العرب
أماتوا مصدر يدع ويذر ، واستغنوا عنه بالترك ، والنبي صلىاللهعليهوسلم أفصح العرب ، وقد وردت عنه هذه الكلمة» اه. وقال ابن
الأثير : «وإنما يحمل قول النحاة على قلة استعماله ، فهو شاذ في الاستعمال صحيح في
القياس ، وقد جاء في غير حديث ، حتى قرىء به في قوله تعالى : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) بالتخفيف» اه.
[٣٠٧] هذا
البيت من كلام سويد بن أبي كاهل ، اليشكري ، وهو البيت الحادي والثمانون من