فعطف «وأب» على الضمير المرفوع في «يكن» ؛ فدلّ على جوازه ، كالعطف على الضمير المنصوب المتصل.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المتصل وذلك لأنه لا يخلو : إما أن يكون مقدرا في الفعل أو ملفوظا به ؛ فإن كان مقدرا فيه نحو «قام وزيد» فكأنه قد عطف اسما على فعل ، وإن كان ملفوظا به نحو «قمت وزيد» فالتاء تنزل بمنزلة الجزء من الفعل ، فلو جوّزنا العطف عليه لكان أيضا بمنزلة عطف الاسم على الفعل ، وذلك لا يجوز.
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما احتجاجهم بقوله تعالى : (فَاسْتَوى وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) [النجم : ٦ ، ٧] فالواو فيه واو الحال ، لا واو العطف ، والمراد به جبريل وحده ، والمعنى أن جبريل وحده استوى بالقوة في حالة كونه بالأفق ، وقيل : فاستوى على صورته التي خلق عليها في حالة كونه بالأفق ، وإنما كان قبل ذلك يأتي النبي صلىاللهعليهوسلم في صورة رجل.
وأما ما أنشدوه من قوله :
* قلت إذ أقبلت وزهر تهادى* [٢٩٩]
وقول الآخر :
* ما لم يكن وأب له لينالا* [٣٠٠]
[١٩٨] فمن الشاذ الذي لا يؤخذ به ، ولا يقاس عليه ، على أنا نقول : إنما جاء هاهنا لضرورة الشعر ، والعطف على الضمير المرفوع المتصل في ضرورة الشعر عندنا جائز ؛ فلا يكون لكم فيه حجة.
وتشبيههم له بالضمير المنصوب المتصل فلا وجه له بحال ؛ لأن الضمير المنصوب المتصل وإن كان في اللفظ في صورة الاتصال فهو في النية في تقدير الانفصال ، بخلاف الضمير المرفوع المتصل ؛ لأنه في اللفظ والتقدير بصفة الاتصال ، فبان الفرق بينهما ، وقد ذكرنا ذلك مستوفى في كتابنا الموسوم بأسرار العربية (١) ، والله أعلم.
__________________
(١) لم أجد هذا الموضوع الأصيل في أسرار العربية.