الضمير المخفوض في (لكم) فدل على جوازه ، وقال الشاعر :
[٢٩٢] فاليوم
قرّبت تهجونا وتشتمنا
|
|
فاذهب فما بك
والأيّام من عجب
|
فالأيام : خفض
بالعطف على الكاف في «بك» والتقدير : بك وبالأيام ، وقال الآخر :
أكرّ على
الكتيبة لا أبالي
|
|
أفيها كان
حتفي أم سواها [١٨١]
|
[١٩٣] فعطف «سواها» بأم على الضمير
في «فيها» والتقدير : أم في سواها.
وقال الآخر :
[٢٩٣] تعلّق
في مثل السّواري سيوفنا
|
|
وما بينها
والكعب غوط نفانف
|
______________________________________________________
[٢٩٢] هذا
البيت من شواهد سيبويه (١ / ٣٩٢) وابن يعيش في شرح المفصل (ص ٣٩٩) ورضي الدين في
باب العطف من شرح الكافية (١ / ٢٩٦) وشرحه البغدادي في الخزانة (٢ / ٣٣٨)
والأشموني (رقم ٨٤٩) وابن عقيل (رقم ٢٩٨) وكامل المبرد (٢ / ٣٩) ولم ينسبه واحد من
هؤلاء إلى قائل معين ، بل قال البغدادي «والبيت من أبيات سيبويه الخمسين التي لم
يعرف لها قائل» اه ، وقوله «قربت» معناه أخذت وشرعت. ومعنى البيت : إن هجاءك الناس
وشتمهم لمن عجائب الدهر ، وقد كثرت هذه الأعمال منك حتى صارت لا يتعجب منها.
والاستشهاد بالبيت في قوله «فما بك والأيام» حيث عطف قوله «الأيام» بالواو على الضمير
المتصل المجرور محلا بالباء في قوله «بك» من غير أن يعيد مع المعطوف العامل في
المعطوف عليه ، وذلك في نظر البصريين ضرورة من الضرورات التي تقع في الشعر ، قال
ابن السراج : «وأما الضمير المخفوض فلا يجوز أن يعطف الظاهر عليه ، لا يجوز أن
تقول : مررت بك وزيد ؛ لأن المجرور ليس له اسم منفصل فيتقدم بأن يقع معطوفا عليه
أحيانا ويتأخر بأن يقع معطوفا أحيانا أخرى ، كما للمنصوب ، وكل اسم معطوف عليه فهو
بحيث يجوز أن يؤخر فيصير معطوفا ويقدم الاسم الآخر المعطوف بحيث يصير معطوفا عليه
، فلما خالف الضمير المجرور سائر الأسماء من هذه الجهة لم يجز أن يعطف عليه ، وقد
حكي أنه جاء في الشعر» اه ، وبمثل هذا التعليل علل ابن يعيش في شرح المفصل ، وذكره
المؤلف هنا ، وقد وافق الكوفيين في هذه المسألة وحكم بجواز العطف على الضمير
المجرور من غير إعادة العامل في المعطوف عليه مع المعطوف : يونس بن حبيب شيخ
سيبويه ، والأخفش ، وقطرب ، والشلوبين ، وابن مالك.
[٢٩٣] استشهد
بهذا البيت ابن يعيش في شرح المفصل (ص ٤٠٠) والأشموني (رقم ٨٥١) وابن الناظم في
شرح ألفية والده ابن مالك ، وشرحه العيني (٤ / ١٦٤ بهامش الخزانة) وقال :
«وقال الجاحظ
في كتاب «الحيوان» : هو لمسكين الدارمي». والسواري : جمع سارية ، وهي الأسطوانة (العمود)
شبه أنفسهم بالسواري لطول أجسامهم ، والطول مما تتمدح به العرب ، قال الشاعر :
تبين لي أن
القماءة ذلة
|
|
وأن أعزاء
الرجال طوالها
|
والنحاة يروونه
«طيالها». والكعب : يروى في مكانه «والأرض» والغوط ـ بضم الغين ـ جميع غائط ، وهو
المطمئن من الأرض ، ونفانف : جمع نفنف ـ بوزن جعفر ، وهو الهواء ـ