[١٨٩] ٦٤
مسألة
[هل يجوز أن تجيء واو العطف زائدة؟](١)
ذهب الكوفيون إلى أن الواو العاطفة يجوز أن تقع زائدة ، وإليه ذهب أبو الحسن الأخفش وأبو العباس المبرد وأبو القاسم بن برهان من البصريين.
وذهب البصريون إلى أنه لا يجوز.
أما الكوفيون فاحتجوا بأن قالوا : الدليل على أن الواو يجوز أن تقع زائدة أنه قد جاء ذلك كثيرا في كتاب الله تعالى وكلام العرب ، قال الله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧٣] فالواو زائدة لأن التقدير فيه : فتحت أبوابها ؛ لأنه جواب لقوله : (حَتَّى إِذا جاؤُها) كما قال تعالى في صفة سوق أهل النار إليها : (حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها) [الزمر : ٧١] ولا فرق بين الآيتين ، وقال تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُ) [الأنبياء : ٩٦ ، ٩٧] فالواو زائدة ؛ لأن التقدير فيه : اقترب ؛ لأنه جواب لقوله تعالى : (حَتَّى إِذا فُتِحَتْ) وقال تعالى : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) [الإنشقاق : ١ ـ ٥] والتقدير فيه :
أذنت ؛ لأنه جواب «إذا» والشواهد على هذا النحو من التنزيل كثيرة. وقال الشاعر :
[٢٨٨] فلمّا أجزنا ساحة الحيّ وانتحى |
|
بنا بطن حقف ذي قفاف عقنقل |
______________________________________________________
[٢٨٨] هذا البيت من معلقة امرىء القيس بن حجر الكندي المشهور ، وهو من شواهد الرضي في باب حروف العطف من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (٤ / ٤١٣) وأجزنا : أي قطعنا ، تقول : جزنا نجوز ـ من مثال قلنا نقول ـ وأجزنا ، كلاهما بمعنى واحد ، وقال الأصمعي : أجزنا قطعنا ، وجزنا سرنا فيه وخلفناه وراءنا ، والساحة : فناء الدار ، وهي أيضا الباحة ، والفجوة ، والقروة ، والنالة ، ويقال : هي الرحبة كالعرصة ، وانتحى : اعترض ، والخبت :
__________________
(١) انظر في هذه المسألة : مغني اللبيب (ص ٣٦٢) وشرح ابن يعيش على المفصل (ص ١١٤٨) وشرح رضي الدين على الكافية (٢ / ٣٤٢).