وجدت ولا تعمل عملها كما أن قولهم : «حسبك زيد» بمعنى الأمر وهو اسم وليس بفعل ، وكقولهم : «أحسن بزيد» لفظه لفظ الأمر وهو بمعنى التعجب ، وكقولهم : «رحم الله فلانا» لفظه لفظ الخبر وهو في المعنى دعاء ، [٢٩٥] وكقوله تعالى في قراءة من قرأ بالرفع : (لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها) [البقرة : ٢٣٣] لفظه لفظ الخبر والمراد به النهي ، وكقوله تعالى : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة : ٩١] أي : انتهوا ، لفظه لفظ الاستفهام والمراد به الأمر ، وكقوله تعالى : (فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمنُ مَدًّا) [مريم : ٧٥] لفظه لفظ الأمر والمراد به الخبر ، وكقوله تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَ) [البقرة : ٢٣٣] أي : ليرضعن ، لفظه لفظ الخبر والمراد به الأمر ، إلى غير ذلك من الأماكن التي لا تحصى كثرة ، فكذلك نقول نحن هاهنا : «إذا» بمعنى وجدت وهي في اللفظ ظرف مكان ، وظرف المكان يجب رفع المعرفتين بعده ، فوجب أن يقال «فإذا هو هي».
وإن قالوا «إنها تعمل عمل الظرف وعمل وجدت ؛ فترفع الأول لأنها ظرف وتنصب الثاني على أنها فعل ينصب مفعولين» فباطل ؛ لأنهم إن أعملوها عمل الظرف بقي المنصوب بلا ناصب ، وإن أعملوها عمل الفعل لزمهم وجود فاعل ومفعولين ، وليس لهم إلى إيجاد ذلك سبيل.
وأما قول أبي العباس ثعلب «إن هو في قولهم فإذا هو إياها عماد» فباطل عند الكوفيين والبصريين ؛ لأن العماد عند الكوفيين ـ الذي يسميه البصريون الفصل ـ يجوز حذفه من الكلام ، ولا يختلّ معنى الكلام بحذفه ، ألا ترى أنك لو حذفت العماد الذي هو الفصل من قولك «كان زيد هو القائم» فقلت «كان زيد القائم» لم يختلّ معنى الكلام بحذفه ؛ وكان الكلام صحيحا ، وكذلك سائر الأماكن التي يقع فيها العماد الذي هو الفصل يجوز إثباته وحذفه ، ولو حذفته هاهنا من قولهم : «فإذا هو إيّاها» لاختلّ معنى الكلام وبطلت فائدته ؛ لأنه يصير «فإذا إياها» وهذا لا معنى له ولا فائدة فيه ؛ فبطل ما ذهبوا إليه. والله أعلم.