قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الإنصاف في مسائل الخلاف بين النّحويين : البصريّين والكوفييّن [ ج ٢ ]

الإنصاف في مسائل الخلاف بين النّحويين : البصريّين والكوفييّن

الإنصاف في مسائل الخلاف بين النّحويين : البصريّين والكوفييّن [ ج ٢ ]

تحمیل

الإنصاف في مسائل الخلاف بين النّحويين : البصريّين والكوفييّن [ ج ٢ ]

227/375
*

وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إن «إيا» هي الضمير دون الكاف والهاء والياء ، وذلك لأنّا أجمعنا على أن أحدهما ضمير منفصل ، والضمائر المنفصلة لا يجوز أن تكون على حرف واحد ؛ لأنه لا نظير له في كلامهم ؛ فوجب أن تكون «إيا» هي الضمير ؛ لأن لها نظيرا في كلامهم ؛ والمصير إلى ما له نظير أولى من المصير إلى ما ليس له نظير ؛ ولهذا المعنى قلنا «إن الكاف والهاء والياء حروف لا موضع لها من الإعراب» ؛ لأنها لو كانت معربة لكان إعرابها الجرّ بالإضافة ؛ ولا سبيل إلى الإضافة هاهنا ؛ لأن الأسماء المضمرة لا تضاف إلى ما بعدها ؛ لأن الإضافة تراد للتعريف (١) ، والمضمر في أعلى مراتب التعريف ؛ فلا يجوز إضافته إلى غيره ؛ فوجب أن لا يكون لها موضع من الإعراب.

وأما قول من ذهب من البصريين إلى أنه مضمر أضيف [٢٩٠] لأنه لا يفيد معنى بانفراده ، ولم يقع معرفة فجاز أن يخص بالإضافة ـ فباطل ؛ لأن هذا الضمير ما وقع إلا معرفة ، ولم يقع قطّ نكرة.

والذي يدلّ على ذلك أن علامات التنكير لا يحسن دخولها عليه ، بل فيها إبهام تبينه هذه الحروف كالتاء في «أنت» فإن الضمير هو «أن» وهو مبهم ، والتاء تبيّنه ؛ فإن كانت مفتوحة دلّت على أنه ضمير المذكر ، وإن كانت مكسورة دلت على أنه ضمير المؤنث ، فكذلك هاهنا : جعلت هذه الأحرف مبينة لذلك الإبهام مع كونه معرفة لا نكرة ، وكما لا يجوز أن يقال «أن» مضاف إلى التاء ؛ فكذلك لا يجوز أن يقال إنّ «إيا» مضاف إلى الكاف والهاء والياء وإذا حصلت الفائدة بهذه الأحرف لا على جهة الإضافة ـ ولها نظير في كلامهم ـ كان أولى من جعل الضمير مضافا إليها ولا نظير له في كلامهم.

وهذا هو الجواب عن مذهب من ذهب إلى أنه اسم مبهم مضاف ؛ لأن المبهم معرفة ، والمعرفة لا تضاف ؛ لأنه استغنى بتعريفه في نفسه عن تعريف غيره ؛ لأن الكحل يغني عن الكحل.

وأما من ذهب إلى أنه اسم مظهر فباطل ؛ لأنه لو كان الأمر على ما زعم لما كان يقتصر فيه على ضرب واحد من الإعراب وهو النصب ، فلما اقتصر فيه على ضرب واحد من الإعراب وهو النصب دل على أنه اسم مضمر ، كما أنه لما اقتصر بأنا وأنت وهو وما أشبهها على ضرب واحد من الإعراب وهو الرفع دل على أنها أسماء مضمرة ؛ إذ لا يعلم اسم مظهر اقتصر فيه على ضرب واحد من الإعراب ،

__________________

(١) في ر «تزاد للتعريف».