قولهم «لو كان مرفوعا لقيامه مقام الاسم لكان ينبغي أن يكون منصوبا إذا كان الاسم منصوبا ـ إلى آخر ما ذكروه» قلنا : إنما لم يكن منصوبا أو مجرورا إذا قام مقام اسم منصوب أو مجرور ؛ لأن عوامل الأسماء لا تعمل في الأفعال [٢٢٨] وهذا فعل ؛ فلهذا لم يكن عامل الاسم عاملا فيه.
وأما قولهم «وجدنا نصبه وجزمه بناصب وجازم لا يدخلان على الاسم ، فعلمنا أنه يرتفع من حيث لا يرتفع الاسم» قلنا : وكذلك نقول ؛ فإنه يرتفع من حيث لا يرتفع الاسم ؛ لأن ارتفاعه لقيامه مقام الاسم ، والقيام مقام الاسم ليس بعامل للرفع في الاسم.
وأما قول الكسائي «إنه يرتفع بالزائد في أوله» فهو قول فاسد من وجوه :
أحدها : أنه كان ينبغي أن لا تدخل عليه عوامل النصب والجزم ؛ لأن عوامل النصب والجزم لا تدخل على العوامل.
والوجه الثاني : أنه لو كان الأمر على ما زعم لكان ينبغي أن لا ينتصب بدخول النواصب ، ولا ينجزم بدخول الجوازم ؛ لوجود الزائد أبدا في أوله ، فلما انتصب بدخول النواصب وانجزم بدخول الجوازم دلّ على فساد ما ذهب إليه.
والوجه الثالث : أن هذه الزّوائد بعض الفعل ، لا تنفصل منه في لفظ ، بل هي من تمام معناه ، فلو قلنا «إنها هي العاملة» لأدّى ذلك إلى أن يعمل الشيء في نفسه ، وذلك محال ، ويخرج على هذا «أن» المصدرية فإنها تعمل في الفعل المستقبل وهي معه في تقدير المصدر ؛ لأنها قائمة بنفسها ومنفصلة عن الفعل ، وكل واحد منهما ينفصل عن صاحبه ، فبان الفرق بينهما.
وأما قولهم «إنه لو كان مرفوعا لقيامه مقام الاسم لكان ينبغي أن لا يرتفع في قولهم : كاد زيد يقوم ؛ لأنه لا يجوز أن يقال كاد زيد قائما» قلنا : هذا فاسد ؛ لأن الأصل أن يقال : كاد زيد قائما ، ولذلك ردّه الشاعر إلى الأصل لضرورة الشعر في قوله :
[٣٦٧] فأبت إلى فهم وما كدت آئبا |
|
وكم مثلها فارقتها وهي تصفر |
______________________________________________________
[٣٦٧] هذا البيت من كلام تأبّط شرا ، واسمه ثابت بن جابر بن سفيان ، الفهمي وهو تاسع تسعة أبيات اختارها أبو تمام حبيب بن أوس الطائي في ديوان الحماسة (انظر شرح التبريزي ١ / ٧٥ بتحقيقنا ـ وشرح المرزوقي ص ٧٤ ـ ٨٤) والبيت من شواهد ابن يعيش في شرح المفصّل (ص ٩٢٣ و ١٠٢١) والأشموني (رقم ٢٣١) وأوضح المسالك (رقم ١١٨) وابن عقيل (رقم ٨٥) وابن الناظم في باب أفعال المقاربة من شرح الألفية ، وشرحه العيني (٢ / ١٦٥ بهامش الخزانة) ورضي الدين في باب الفعل المضارع من شرح الكافية ، وشرحه