.................................................................................................
______________________________________________________
والزمخشري جعل هذا المنصوب مفعولا معه (١) ، وليس كذلك ؛ لأن المفعول معه لا ينصبه إلا الفعل أو ما جرى مجراه ، و «حسبك» ليس جاريا مجرى الفعل ، وإن كان فيه معنى الفعل ، وقد تقدمت الإشارة في أول الباب أن العامل المعنوي لا ينصب المفعول معه عند سيبويه ، وها هو قد صرح الآن أن النصب في : حسبك وأخاك درهم بفعل مقدر أي : ويحسب أخاك درهم (٢) ، ويحسب مضارع أحسب ، يقال : أحسب فلان فلانا إذا أعطاه حتى يقول حسبي قالوا : والتقدير في : كفاك وزيدا درهم أوضح ؛ لأن كفاك هو مصدر الفعل الذي يضمره ، التقدير : ويكفي زيدا درهم وهو في : قطك وزيدا درهم أبعد ؛ لأن قطك ليس في الفعل المضمر شيء من لفظه ، وإنما هو ناصب مفسر من حيث المعنى فقط (٣) ، قال الشيخ : وفي الفعل المضمر يعني في الأمثلة المذكورة فاعل مضمر يعود على الدرهم والنية بالدرهم التقديم ، فالتقدير حسبك درهم ، ويحسب زيدا ، قال : فيصير من عطف الجمل ، ولا يجوز أن يكون من باب الإعمال ؛ لأن طلب المبتدأ للخبر ، وعمله فيه ليس من قبيل طلب الفعل أو ما جرى مجراه ، ولا عمله فلا يتوهم ذلك فيه (٤). انتهى.
والكلام فيما ذكره من وجهين :
أولهما : أن تقول : العلة التي ذكر أنها مانعة أن يكون «حسبك وزيدا درهم» من باب الإعمال غير ظاهرة ؛ لأن المبتدأ عامل ، كما أن الفعل عامل ، فإذا توجه طلب المبتدأ إلى شيء مع توجه عامل آخر هو فعل في ذلك التركيب إلى ذلك الشيء ـ
__________________
والهمع (١ / ١٢٤) ، والدرر (١ / ١٩٥) ، واللسان «حسب».
اللغة : العصا : الجماعة.
والشاهد فيه : نصب «الضحاك» بفعل مضمر بناء على أن حسب صفة ، واستشهد الأشموني بالبيت على إعمال شبه الفعل في المفعول معه بناء منه على أن حسب اسم فعل ، وذكر في المغني أنه يجوز جره فقيل بالعطف ، وقيل بإضمار (حسب) أخرى وهو الصواب ورفعه بتقدير حسب حذفت وخلفها المضاف إليه.
(١) يقول الزمخشري في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ :) الواو بمعنى «مع» وما بعده منصوب تقول : حسبك وزيدا درهم ولا تجر لأن عطف الظاهر المجرور على المكني ممتنع قال : فحسبك والضحاك سيف مهند ... والمعنى كفاك» اه. الكشاف (٢ / ٣٠٩).
(٢) ينظر : الكتاب (١ / ٣١٠).
(٣) ينظر : التذييل (٣ / ٤٨٠).
(٤) التذييل (٣ / ٤٨٠).