.................................................................................................
______________________________________________________
ثم ليعلم أن الاسم الواقع بعد مذ ومنذ إن كان مرفوعا فإما معدود أو غير معدود. إن كان معدودا فهما للغاية ، وإن كان غير معدود فهما لابتداء الغاية ، وإن كان مخفوضا فالأمر كذلك إلا أن يكون المخفوض حالا ؛ فهما للغاية ، ولا يدخلان إلا على الزمان ، واختلف في المرفوع بعدهما : فقيل : فاعل لفعل مضمر وهو مذهب الكسائي ، وقيل هو مبتدأ ومذ ومنذ الخبر ، وقيل العكس وهو قول الفارسي (١) ، وهو الصحيح (٢) ، وقال الشيخ ـ في شرح الغاية له ـ : إما أن يكون ما بعد مذ ومنذ حالا أو ماضيا ، إن كان حالا فعامة العرب على الجر بهما نحو : ما رأيته مذ اليوم أو الساعة أو يومنا ، وإن كان ماضيا والكلمة «مذ» فالرفع وقل الجر ، أو «منذ» فالجر وقل [٢ / ٤٣٨] الرفع ، ثم إن كان الاسم معدودا فهما للغاية نحو : ما رأيته مذ يومان ، ومعناه أمد انقطاع رؤيتي له يومان ، أو غير معدود فإما أن يكون حالا أو ماضيا ؛ إن كان حالا نحو : ما رأيته مذ اليوم فلابتداء الغاية ، وتقديره : أول انقطاع رؤيتي له اليوم ، أو ماضيا نحو : ما رأيته مذ يوم الخميس فللغاية ، والفرق بين تقدير «أمد وأوّل» أنه في تقدير «أمد» تنتفي الرؤية عن جميع أجزاء الزمان ، وفي تقدير «أول» قد لا تنتفى. ثم إذا انجر ما بعدهما فبهما ، وهما حرفان يتعلقان بالفعل قبلهما والكلام جملة واحدة ، وإذا ارتفع فالصحيح أنه خبر عن مذ أو منذ ، وهما ظرفان معناهما أمد وأول على التفسير السابق ، وزعم الزجاجي أنه مبتدأ ومذ ومنذ خبر عنه ، وزعم الكسائي أنه فاعل بفعل مضمر ، وزعم بعض الكوفيين أنه خبر مبتدأ مضمر (٣). انتهى. إلا أن قوله : إن كان حالا نحو : ما رأيته مذ اليوم فلابتداء الغاية وتقديره : أول انقطاع رؤيتي له اليوم ـ لم ينتضم لي مع قول ابن عصفور : ومعناهما ـ
__________________
(٤ / ١٢٦) ، والمغني (١ / ٣٣٥) ، وشرح شواهده (٢ / ٧٥٠) ، والعيني (٣ / ٣١٢) ، والتصريح (٢ / ١٧) ، والهمع (١ / ٢١٧) ، والدرر (١ / ١٨٦) ، وشرح الجمل لابن عصفور (١ / ٣٤٥) ، والأشموني (٢ / ٢٢٩) ، وديوانه (ص ٥٨٦) ، ورصف المباني (ص ٣٢٠) ، والأزهية (ص ٢٨٣).
والشاهد فيه : «مذ حجج ومذ دهر» ؛ حيث إن «مذ» في الموضعين لابتداء الغاية في الزمان الماضي ، وجرها الماضي وهو قليل ؛ لأن الأكثر على جرها للحاضر.
(١) ينظر : الإيضاح للفارسي (ص ٢٦١).
(٢) شرح الجمل لابن عصفور (٢ / ٣٧ ـ ٣٩).
(٣) ينظر : التذييل (٣ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩) بالمعنى ، وإصلاح الخلل (ص ٢٣٤ ، ٢٣٥) ، والجمل للزجاجي (ص ١٥١) ، وشرح الجمل لابن بابشاذ (١ / ٢٤٢).