.................................................................................................
______________________________________________________
لأن الهيئة نفسها مصدر ، وهو ذكرها على أنها قائمة مقام المصدر ، وواقعة موقعه.
٥ ـ ومنها : أن ابن عصفور لم يذكر «كلّا وبعضا» ، بل قال : أو ما أضيف إليه يعني إلى المصدر ، بشرط أن يكون ذلك المضاف هو المضاف إليه في المعنى ، أو بعضه ، فالأول نحو : سرت كل السير ، لأن كل السير هو السير ، والثاني نحو : سرت أشد السير (١) ، فإن أشد السير سير ، فقد يقال : شملت عبارة ابن عصفور : سرت بعض السير (٢) ، ولم تشمل عبارة المصنف سرت أشد السير ، فترجّح عبارة ابن عصفور ، وليس كذلك ؛ لأن المصنف لم يرد لفظ (بعض) ، بل ما كان بعضا ؛ ولذا مثّل بقوله تعالى : (وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً)(٣).
٦ ـ ومنها : أنه قد فهم من كلام المصنف في المتن والشرح أن الناصب للمصدر ولما يقوم مقامه هو العامل المذكور معه سواء أوافق لفظه أم لم يوافق ، وقد نبّه على أن في ذلك خلافا بقوله : وهذا الذي اخترته هو اختيار المبرد (٤) والسيرافي (٥).
وقد تعرض ابن عصفور إلى ذكر ذلك مفصلا ، فقال : وإذا كان المصدر منصوبا بعد فعل من لفظه ، فإن كان جاريا على الفعل كان منصوبا به ، وإن لم يكن جاريا ـ
__________________
(١) ينظر : المقرب (١ / ١٤٤).
(٢) مثل ابن عصفور بكل وبعض في شرح الجمل (١ / ٣٢٥) فقال : «أو ما أضيف إليه إذا كان المضاف هو المضاف إليه في المعنى نحو : ضربت كلّ الضرب ـ أو بعضه نحو : ضربت بعض الضرب» اه.
(٣) سورة هود : ٥٧.
(٤) ذكر الشيخ عضيمة في تحقيقه لهذه المسألة أنه ليس هناك خلاف بين المبرد وسيبويه ، فقال : ماذا يراه المبرد في ناصب (تبتيلا) و (نباتا) في الآيتين؟ وهل بينه وبين سيبويه خلاف في هذا؟
الذي أراه أن المبرد يرى أن الناصب فعل محذوف بدليل قوله هنا : فكأن التقدير ـ والله أعلم ـ والله أنبتكم فنبتّم نباتا ، وقوله في الجزء الثالث : ولكن المعنى ـ والله أعلم ـ : أنه إذا أنبتكم نبتم نباتا.
ويشهد لهذا أيضا سياق الحديث في الجزء الثالث ، فقد ذكر آيات وشواهد شعرية حذف فيها الفعل الناصب للمصدر (صنع الله) ثم قال : ومثل هذان إلّا أن اللفظ مشتق من فعل المصدر من قوله عزوجل : (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)[المزمل : ٨] وليس بين سيبويه والمبرد خلاف في هذه المسألة» اه.
انظر : المقتضب.
وينظر في هذه المسألة : شرح المفصل لابن يعيش (١ / ١١٢) وشرح الكافية للرضي (١ / ١١٦).
(٥) وهو رأي أبي عثمان المازني أيضا ، ينظر : أبو عثمان المازني (ص ١٦٤) ، وشرح الكافية للرضي (١ / ١١٦) ، وشرح السيرافي (٣ / ١٤٤) ، والهمع (١ / ١٨٧).