.................................................................................................
______________________________________________________
القليل (١) وقد يستشهد لمذهب الخليل والكسائي بما أنشده الأخفش من قول الشاعر (٢) :
١٣٠٩ ـ وما زرت ليلى أن تكون حبيبة |
|
إليّ ولا دين بها أنا طالبه (٣) |
انتهى (٤).
ومما يرجح به مذهب [٢ / ٣١٤] سيبويه : أن الأصل والأكثر أنه إذا حذف حرف ـ
__________________
(١) اعترض صاحب التصريح على ما ذهب إليه ابن مالك في هذه المسألة ، وما نسبه إلى الخليل وسيبويه ، فقال : «وما ذهب إليه الموضح من أن محل أنّ وأن نصب بعد الحذف ، هو مذهب الخليل ، وأما سيبويه فقال بعد ما أورد أمثلة من الحذف : ولو قال قائل ، إن الموضع جر لكان قولا قويّا ، وله نظائر نحو قولهم : لاه أبوك ، ثم نقل النصب عن الخليل ، فظهر بهذا أن ما نقله ابن مالك تبعا لابن العلج ، من أن الخليل يقول بالجر سهو» اه التصريح (١ / ٣١٣) ، وما ذكره صاحب التصريح هذا هو الحق ؛ حيث إن سيبويه صرح في كتابه بأن القول بالنصب هو مذهب الخليل ، فقال : «وسألت الخليل عن قوله جل ذكره : (وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) ، فقال : إنما هو على حذف اللام ، كأنه قال : ولأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ، وقال : نظيرها (لِإِيلافِ قُرَيْشٍ) ؛ لأنه إنما هو لذلك (فليعبدوا) ؛ فإن حذفت اللام من «أن» فهو نصب ، كما أنك لو حذفت اللام من (لإيلف) كان نصبا ، هذا قول الخليل ، إلى أن قال : ولو قال إنسان : إنّ «أن» في موضع جر في هذه الأشياء ؛ ولكنه حرف كثر استعماله في كلامهم ، فجاز فيه حذف الجار ؛ لكان قولا قويّا ، وله نظائر نحو قوله : لاه أبوه ، والأول قول الخليل» اه الكتاب (٣ / ١٢٦ ـ ١٢٨) ، وينظر : حاشية الصبان (٢ / ٩٢).
وأقول : مما يلفت النظر في هذه المسألة أن كثيرا من النحويين ساروا على ما ذهب إليه ابن مالك فنسبوا القول بالجر إلى الخليل ، والقول بالنصب إلى سيبويه. ينظر : شرح الكافية للرضي (٢ / ٢٧٣) ، والهمع (٢ / ٨١) ، والبهجة المرضية (ص ٥٥).
وقد أورد الصبان في حاشيته على شرح الأشموني (٢ / ٩٢) تصحيحا لما نسب إلى الخليل ، وسيبويه ، فقال : قوله : «مذهب الخليل إلخ» كذا في البسيط ، والتسهيل ؛ لكن قال شيخنا وغيره : الصواب ذكر سيبويه مكان الخليل ، والخليل مكان سيبويه كما في المغني والتصريح» اه ، وينظر المغني (٢ / ٥٢٦) فقد ورد فيه رأي ابن مالك فقال : «وأما نقل جماعة منهم ابن مالك أن الخليل يرى أن الموضع جر ؛ وأن سيبويه يرى أنه نصب فسهو» اه.
(٢) هو الفرزدق والبيت من قصيدة يمدح فيها المطلب بن عبد الله المخزومي.
(٣) البيت من الطويل وهو في : الكتاب (٣ / ٢٩) ، والإنصاف (١ / ٣٩٥) ، والتذييل (٣ / ٧١) ، والأمالي الشجرية (١ / ٤١٨) ، والمغني (٢ / ٥٢٦) ، وشرح شواهده للسيوطي (٢ / ٥٨٥) ، وتعليق الفرائد (ص ١٤١٤) ، وشرح الألفية لابن الناظم (ص ٩٧) ، والأشموني (٢ / ٩٢ ، ٢٣٥) ، والهمع (٢ / ٨١) ، والبهجة المرضية (ص ٥٥) ، والدرر (٢ / ١٠٥) ، وحاشية الخضري (١ / ١٨٠) ، وديوانه (ص ٩٣). ويروى البيت أيضا برواية «سلمى» مكان «ليلى» ، كما في الكتاب.
والشاهد قوله : «أن تكون حبيبة» ؛ حيث حذف الحرف ، فاستدل به من ذهب إلى أنه في موضع جر ؛ وذلك لأنه قد عطف عليه قوله : «ولا دين» بالجر.
(٤) شرح التسهيل للمصنف (٢ / ١٥٠).