[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]
قال ابن مالك : (ولا يلحق في الحكاية بالقول ما في معناه بل ينوى معه القول خلافا للكوفيين ، وقد يضاف قول وقائل إلى الكلام المحكي وقد يغني القول في صلة وغيرها عن المحكيّ لظهوره ، والعكس كثير ، وإن تعلّق بالقول مفرد لا يؤدي معنى جملة ولا يراد به مجرّد اللّفظ حكي مقدّرا معه ما هو به جملة وكذا إن تعلّق بغير القول).
______________________________________________________
جوزوا الحكاية مع استيفاء الشروط كما عرفت فكيف جازت الحكاية ، ومعنى أتقول : أتظن ولا شك أن إلغاء الظن متقدما غير جائز لكن لقائل أن يقول : إنما جازت الحكاية مراعاة لصورة القول فإن الجمل تحكى معه ولا يلزم من تضمينه معنى الظن وجوب الإعمال (١).
قال ناظر الجيش : تضمن هذا الكلام الإشارة إلى مسائل :
الأولى : أن ما كان في معنى القول لا يلحق به في أن يحكي ما بعده ، والمراد بما في معنى القول : النداء والدعاء ونحوهما فإذا جاء بعد شيء منها مقول ففيه مذهبان :
أحدهما : أن يقدر قول يكون به المقول محكيّا ، والآخر : أن يحكي المقول بما قبله إجراء له مجرى القول دون حاجة إلى تقدير وهو قول الكوفيين والأول قول البصريين (٢) قال المصنف (٣) : وهو الصحيح لأن حذف القول استغناء عنه بالمقول مجمع عليه في غير محل النزاع كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ)(٤) أي فيقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم (٥) فحذف القول لدلالة المعنى عليه (٦) فحذفه في محل النزاع أولى لأنه مدلول عليه بدلالتين : معنوية ولفظية. وأيضا ـ
__________________
(١) ينظر الهمع : (١ / ١٥٨).
(٢) ينظر المقرب (١ / ٢٩٣) ، وشرح الرضي على الكافية (٢ / ٢٨٩) ، والهمع (١ / ١٥٦ ـ ١٥٧).
(٣) شرح التسهيل لابن مالك (١ / ٩٦).
(٤) سورة آل عمران : ١٠٦.
(٥) ينظر الكشاف (١ / ١٣٤) ، وإملاء ما من به الرحمن (١ / ١٤٥) ، وروح المعاني للألوسي (١ / ٥٦٩).
(٦) في معاني القرآن للفراء (١ / ٢٢٨ ـ ٢٢٩) : وقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ) يقال : «أما» لا بد لها من الفاء جوابا فأين هي؟ فيقال : أنها كانت مع قول مضمر فلما سقط القول سقطت الفاء معه والمعنى ـ والله اعلم ـ فأما الذين اسودت وجوههم فيقال : أكفرتم فسقطت الفاء مع «فيقال» والقول قد يضمر ومنه في كتاب الله شيء كثيرا. اه.